من ادباء فلسطين --- عادل زعيتر ---- رائد المترجمين العرب في القرن العشرين -- الجزء الاول والثاني
صفحة 1 من اصل 1
من ادباء فلسطين --- عادل زعيتر ---- رائد المترجمين العرب في القرن العشرين -- الجزء الاول والثاني
كاتب من فلسطين
يعتبر العلامة العربي عادل زعيتر رمزاً لجيل كامل من المثقفين والمفكرين العرب الملتزمين الذين تركوا بصماتهم الجلية في الثقافة والفكر العربي، ولكنهم حرموا من حقهم في التخليد والتعريف بهم وتعريف الأجيال العربية المتلاحقة بإبداعاتهم وعطاءاتهم!
فمن هو عادل زعيتر؟
شهدت مدينة نابلس الفلسطينية منطلق حياته، تنفس فيها أول أنفاسه خلال العقد الأخير من القرن
التاسع عشر الميلادي وتحديداً في العام 1897م. وفيها أيضاً لفظ آخر أنفاسه في العقد الخامس من القرن العشرين وتحديداً في العام 1957م، وما بين البداية والنهاية أمضى ستين عاماً عاشها جندياً شريفاً، ومناضلاً جواداً في عالم الوطنية والثقافة والترجمة، وأضحى بموهبته الخلاقة، وعروبته الصادقة، مدرسة مستقلة، وجامعة مهيبة لكل هذه الصفات والفضائل.
لقد وهب زعيتر حياته كلها لخدمة أمته، فعزف عن بهارج الحياة وزخارفها، واغتنم أيامها ولياليها، بل وساعاتها، في البذل والعطاء، ولم ينل من ملذاتها إلا تلك التي يستشعرها ساعة إنجازه لجانب من ذلك العطاء، ويكفيه افتخاراً أنه أجزل لتلك الأمة وبصورة فردية مبهرة ما عجزت عن أدائه مجامع علم وهيئات ثقافة وإعلام، وبالنظر للثقة في كفاءته فقد عهدت إليه منظمة اليونيسكو بترجمة «روح الشرائع» لمونتسكيو، و«العقد الاجتماعي» لـ «جان جاك روسو». وقد يكون أول من ترجم هذا الكتاب الأخير إلى العربية عام 1954م. وبأسلوب عربي مبين، ومفردات جزلة منتقاة، وبعبارات مشرقة الديباجة، بليغة المعنى، قدم زعيتر للمكتبة العربية على امتداد أربعين عاماً ثمانية وثلاثين مجلداً، قام بترجمتها من اللغة الفرنسية الأم إلى اللغة العربية، بعد أن اختار عناوينها بعناية أقل ما توصف به أنها «فائقة فائقة»، فقد كان زعيتر حريصاً على اقتران ترجماته بروائع الكتب والموضوعات التي أبدعتها عبقريات شوامخ الفكر في العالم أمثال: جوستاف لوبون، فولتير، جان جاك روسو، مونتسكيو، دورمنغهم، وإميل لودفيغ وغيرهم، ولعمري بأن الإنسان الذي يترجم لمثل هؤلاء العمالقة لابد أن تكون قامته صنواً لقاماتهم، وهامته تعادل هاماتهم.
سيرة حياته
يزخر ماضي مدينة نابلس وحاضرها بأسماء المئات من الوجوه ذات العطاء الفاعل في شتى النشاطات الإنسانية ومن بينها عمر حسن زعيتر والد عادل، الذي عمل في شرخ شبابه قاضياً في محكمة الحقوق، وقبل وفاته في عام 1924 كان يشغل منصب رئيس بلدية نابلس. أما شقيق عادل الأصغر فهو المؤرخ والسياسي، والأديب أكرم زعيتر (1909 - 1996)، والذي شغل عدة مناصب سياسية رفيعة، سفيراً للمملكة الأردنية الهاشمية في العديد من العواصم العربية والإسلامية، ووزيراً للبلاط الهاشمي، وعضواً في مجلس الأعيان، ورئيساً للجنة الملكية لشؤون القدس، وله عدة كتب بالغة القيمة عن القضية الفلسطينية. أما صاحب هذه السيرة فقد أنهى دراسته الابتدائية في نابلس، وواصل تعليمه في المعهد السلطاني ببيروت، متتلمذاً على العلامة اللغوي الشيخ مصطفى الغلاييني (1885 - 1944)، وقد ظهر تفوقه الدراسي على كافة أقرانه وبشكل خاص في مادة اللغة العربية، فنال إعجاب أستاذه الشيخ وكافأه بإهدائه نسخة ممهورة بتوقيعه من مؤلفه «اللورد كرومر»، والذي رد فيه الغلاييني بالحقائق والأسانيد على المعتمد البريطاني في مصر، الذي تحامل على الإسلام والمسلمين من خلال كتابه المسموم «مصر الحديثة». ومن بيروت شخص عادل إلى استنبول عاصمة الخلافة العثمانية آنئذٍ، والتحق بالجامعة السلطانية، وبعد دراسته المعمقة فيها حصل على شهادتها العليا في الآداب، وكانت الدراسة فيها باللغة التركية التي أتقنها جيداً، إضافة إلى إجادته المطلقة للغة الفرنسية التي أحبها وتفاعل معها، ونبغ فيها. ولما نشبت الحرب العالمية الأولى في عام 1914 استدعي عادل لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش التركي ضابط احتياط، وعندما اشتعل أوار الثورة العربية الكبرى في العاشر من يونيو عام 1916 ، عاد عادل إلى نابلس إبان تقلد أبيه رئاسة البلدية، وفي تلك الأثناء تصاعد البطش التركي في المنطقة العربية، وهبت رياح الثورة العربية فاشتعل الحماس في الصدور، فالتحق عادل مع صديقه صالح الصمادي (1893 - 1933) بقوات الثورة التي كان يقودها الأمير الثائر فيصل بن الحسين ببلدة «أبي الألسن» في سورية. ولا يتسع المجال لشرح ظروف المعاناة التي عاناها الشابان الثائران حتى وصلا إلى غايتهما، وقضى عادل فترة من الزمن مع الأمير فيصل، ولكن نفسه تاقت إلى المزيد من العلم، فاست أذنه في السفر إلى مصر «بلد الإمام محمد عبده، والطهطاوي، وعبدالله النديم»، وتحقق له ما أراد بصورة جزئية، حيث اضطر للعودة إلى فلسطين بعد احتلال الانجليز لها، وتم انتخابه نائباً عن نابلس في المؤتمر السوري العام بدمشق الذي عقد عام 1920، وتم الإعلان فيه عن استقلال سورية «بحدودها الطبيعية» وبُويع الأمير فيصل ملكاً عليها، وقد أسهم عادل زعيتر في وضع وصياغة دستور المملكة السورية لذلك العهد. وقد ثمَّن له الأمير/الملك مواقفه العروبية الصادقة، وتفانيه في خدمة أمته، فبعث له برسالة شخصية أعرب له فيها عن شكره وتقديره، وهذا نص الرسالة المورخة في 2 آذار/مارس عام 1920: «أيها السيد الكريم، إن الأمة العربية لتفخر برجالها المخلصين الذين يجاهدون في سبيل تحريرها، وإعادة مجدها، وقد بلغنا ما قمتم وتقومون به من الأعمال الجليلة في تحقيق هذه الأمنية الشريفة، الأمر الذي يستدعي الشكر والتقدير، وإننا لنأمل من همتكم المثابرة على هذه الخطة الحميدة، ولا ريب أن مستقبل كل أمة هو بأيدي أبنائها، فعلينا ألا نفتر عن المطالبة بحقوقنا، والدفاع عن وحدتنا، والله يتولاكم بتوفيقه».
ومرة أخرى ترنو عينا زعيتر لتلقي المزيد من العلم فالتحق بكلية الحقوق بجامعة السوربون، وأثناء دراسته قام بترجمة كتابي «روح الاشتراكية» و«روح السياسة» للعلامة الفرنسي الشهير «غوستاف لوبون». وفي عام 1925 نال شهادة الحقوق بتفوق وشرع يعد لرسالة الدكتوراه، ولكن جاءه نعي والده الشيخ عمر زعيتر، فقفل راجعاً إلى نابلس، وخاض غمار الحياة العملية ليصبح محامياً من ألمع المحامين الذين يشار إليهم بالبنان، إلى جانب قيامه بالتدريس في معهد الحقوق بالقدس على مدى أحد عشر عاماً. وكتب الكثير من المقالات في جريدة «فلسطين»، مدافعاً عن الدين الإسلامي وعن عروبة فلسطين، وله في ذلك مواقف مشرفة. ومرة أخرى يتشظى عادل شوقاً إلى الترجمة، بعد أن فكر في «تطليق» المحاماة، فكتب بذلك رسالة إلى شقيقه «أكرم» مؤرخة بتاريخ 19/2/1947م، قال فيها: «لقد بلغت التاسعة والأربعين من عمري، وأصبحت بذلك على أبواب الخمسين، ولا أدري ماذا بقي لي من العمر، ويكاد قلبي يتحرق من أنني لم أقم بشيء مما تطمئن إليه نفسي في عالم العلم والسياسة، فتروني عازماً على تطليق المحاماة، وسلوك السبيل الذي كتبت لك عنه». وبالفعل طلّق المحاماة، واستقال من التدريس في معهد الحقوق، وانقطع إلى العلم والأدب، وانكب على أشرف رسالة يمكن لإنسان عربي أن يقدمها لأمته الغالية، وعاد إلى قواعده في نابلس، متفرغاً للترجمة على أنها مصدر هوايته، وعاش بين شوامخ الكتب معالجاً الأدب والسياسة والاجتماع بقلم المفكر الناضج، وزود المكتبة العربية بعيون وأمهات كتب لم تعرفها من قبل «أم اللغات في كافة عصورها». وحرص زعيتر على ترجمة الكتب التي تهم العرب كتلك التي تتحدث عن بلادهم وحضارتهم ومعتقداتهم، كما حرص في الوقت ذاته على اختيار مؤلفين ذوي منزلة رفيعة وكفاءة عالية. واستطاع خلال أربعين عاماً أن يترجم سبعة وثلاثين كتاباً لثلاثة عشر كاتباً من بينهم: اثنا عشر كتاباً لـ«غوستاف لوبون» من أشهرها: «حضارة العرب، حضارات الهند، روح الاشتراكية، روح السياسة، فلسفة التاريخ، اليهود في تاريخ الحضارات الأولى»، وسبعة كتب لـ «إميل لودفيغ» من أشهرها: ابن الإنسان، البحر المتوسط، النيل، الحياة والحب، كليوباترا»، وثلاثة كتب لـ «جان جاك روسو» هي: العقد الاجتماعي، أصل التفاوت بين الأجناس، إميل، وكتابان لـ «فولتير» هما: الرسائل الفلسفية، كنديد، وكتابان لـ «أناتول فرانس» هما: «حديقة ابيقور، الآلهة عطاش»، وكتابان لـ «كرادفو» هما: الغزالي، ابن سينا، ومفكرو الإسلام (مخطوط)، وكتاب واحد لكل من «مونتسكيو» روح الشرائع، و«آرنست رينان» ابن رشد والرشدية، و«إميل درمنغهم» حياة محمد، و«سيديو» تاريخ العرب العام، و«بوتول» ابن خلدون وفلسفته الاجتماعية.
كيفية اختيار المادة
كيف كان زعيتر يختار المادة التي يزمع ترجمتها؟، وكيف كانت تتم الترجمة؟. أجاب عن ذلك شقيقه أكرم، أقرب المقربين إليه دماً ونبوغاً وثقافة وإبداعاً: «كان عادل في اختياره كتاباً للترجمة يُعنى بأن يكون مما تحتاج إليه الأمة العربية، وألا يكون له نظير في لغتها، وفي المستوى الذي لا يستطيع عربي أن يؤلف مثله، فإذا عزم على ترجمته قرأه ثانية، وقرأ كثيراً مما كتب في موضوعه، وعاش في أجوائه أياماً، وإذا شرع في نقله انكب على العمل فقضى يوماً في صومعته لا يبرحها إلا إلى طعام أو نوم أو لقاء صديق». ويواصل أكرم حديثه قائلاً: ولعادل في عامه فرحتان، أولاهما يوم يُنجز ترجمة الكتاب، وثانيهما ساعة الفراغ من طبعه، وتكون الفرحة الثانية على قدر الإتقان في الطبع والجودة في الورق والنفاسة في الإخراج، وكان ينكب على الإشراف بنفسه على الطبع، ويصحح التجارب «البروفات» مرات، ويبذل في هذا جهوداً مضنية، وتراه يتنقل من مطبعة إلى أخرى ولا يتناول من الطعام إلا وقعة واحدة، وكان يعد الساعات التي قضاها في كل كتاب فهو مثلاً يحدثك أنه قضى ألفين وخمسمئة ساعة في ترجمة «حضارة العرب»، وقضى مثلها في ترجمة «نابليون»، وقضى ثلاثة آلاف ساعة في نقل «حضارة الهند»، وانقطع له خمسة أشهر. وكما كان زعيتر دقيقاً في اختيار نوعية الكتب التي ينوي ترجمتها، كذلك كان حريصاً في اختيار ألفاظه، الأمر الذي جعل فهم بعضها شاقاً على القارىء العادي، وكان في استطاعته تبسيطها، لكنه يأبى ذلك احتراماً لمنهجه الذي يأنس به من ناحية وتقديراً لكرامة وقدسية لغة القرآن من ناحية أخرى.
تقول الدكتورة عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطىء) معلقة: «لقد ظل عادل زعيتر في أفقه العالي حريصاً على الأمانة، معتزاً بكرامة قلمه، ضنيناً بمستواه على النزول جاذباً قراءه إلى بعيد الآفاق، وعالي الذرى، دون أن يدخل في حسابه قط مسألة الكم والعدد والربح والرواج، ولكم حاول بعض الناشرين أن يغروه بالنزول عن مستواه ليكسب مزيداً من القراء، لكن المحاولة ضاعت سدى وبقي حيث هو مصعداً، فمن أطاق من قرائه أن يشارف آفاقه فهو به سعيد وراض ومغتبط». وبرغم الصعوبات الجمة التي كان يواجهها أثناء الترجمة، إلا أنه كان يستهين بها إذا قارنها بهدفه الأسمى، وهو خدمة أمته في السياسة والعلم والأدب، وكان يلتزم بحرفية الترجمة كما وردت في النص الفرنسي الأصلي في أغلب أعماله، ولكنه عند الضرورة يلج أ إلى تهذيب النص وصقله باختصار بعض فقراته، وتقديم أو تأخير بعضها الآخر ليجعله أكثر توافقاً، وأسهل فهماً، وأحسن أسلوباً، وأجزل عبارة حسب تعبيره. وللتدليل على مدى دقته في الترجمة أنه عندما ترجم كتاب «حضارات الهند»، بعث لأحد أصدقائه في الهند رسالة يستفهم فيها عن نطق بعض الكلمات الأردية ولما عرفها التزم بها مثل: «بُدّه» بدلاً من «بوذا»، و«هماليه» بدلاً من «همالايا»، و«دهلي» بدلاً من «دلهي»، وهلم جرا. ويخطر على البال سؤال موضوعي: ما دام زعيتر يمتلك هذه العبقرية فلماذا لم يؤلف؟ يجيب نفسه: عندما تكون مؤلفاتي على مستوى الكتب التي أترجمها سأتوقف عن الترجمة! وبرغم الجهد المضني الذي بذله عادل زعيتر من أجل رفعة أمته ونهضتها، إلا أن هذه الأمة الجحود أدارت له ظهرها، وتنكرت لكل ما بذله من أجلها، وضنت عليه بالقليل القليل من التقدير، بل إنه عاش غريباً أو كالغريب فيها، وتولد لديه طموح في عضوية مجمع اللغة العربية بالقاهرة، لكن بعض «الأباطرة» المتنفذين حالوا دون انتمائه إليه لاعتبارات سياسية واجتماعية، برغم أنه أحق من بعض المتربعين على مقاعد المجمع ممن لا يملكون الأهلية الموضوعية، لكنه يعزي نفسه بحرمان علمين من أعلام اللغة والأدب حُرما مثل حرمانه وهما شاعر القُطرين خليل مطران، وأديب العربية محمد اسعاف النشاشيبي. لكن الحرمان الذي واجهه في مجمع القاهرة قابله ترحيبان به من مجمعي بغداد ودمشق، حيث انتخب عضواً في المجمع العلمي العراقي عام 1953م، وانتخب في عام 1955 عضواً مراسلاً للمجمع العلمي العربي بدمشق.
مزايا.. ومواقف
كان عادل متديناً بلا تعصب، يصلي بانتظام ويقرأ القرآن الكريم بتدبر وتمعن، ويطلع على أشهر التفاسير، ويحتفظ في مكتبته بركن خاص لكتب الفقه والفتاوى والسير، وإذا عُرضت عليه قضية شرعية فهو الحجة التي لا تُقرع، وهو إلى جانب تقواه وأدائه الفروض الدينية أداء كاملاً، كانن التفكير، إصلاحي النزعة، قادراً قدْر سنن التطور ونواميس الاجتماع، وكان معجباً بعقل الإمام محمد عبده وبسعة إطالع تلميذه الإمام رشيد رضا الذي كانت تربطه بعادل رابطة صداقة وأستاذية.
اللاءات في سلوكياته كثيرة، لا يدخن، ولا يشرب القهوة، ولا يحتسي المشروبات المُسكرة، ولا يصادق إلا الأكفاء، ولا يسهر خارج منزله، ولا يسافر إلا في الدرجة الأولى، ولا ينزل إلا في الفنادق الفخمة ذوات النجوم الخمس، لا يسف في مزاحه، ولا يتعامل مع الأمراض الاجتماعية التي تعصف بالأغلبية من الناس. وفي المقابل فهو وقور بلا استكبار، وجواد بلا تبذير، ومتحدث بلا ثرثرة، وكما كان يتأنق في مترجماته فهو كذلك يت أنق في ملبسه ومظهره ومأكله. وبرغم ما اتسم به عادل زعيتر من جد وصرامة إلا أنه كان يأنس لسماع النكتة اللطيفة ويمارسها بنفسه أحياناً، وحدث أثناء وصوله مطار القاهرة الدولي في إحدى رحلاته أن سأله موظف الجمارك عما يحمل في حقيبته الكبيرة، فأجابه مداعباً: «البحر والنهر ومَلِكَتكُم!»، فبهت الموظف الذي لم يفقه مضمون العبارة، ففتح الحقيبة، ووجدها تحوي نسخاً من الكتب التي ترجمها وهي: «البحر المتوسط» و«النيل» و«كليوباترا»، فطرب للنكتة ورجاه أن يسارع إلى إقفال الحقيبة خشية أن يغرق المطار في مياه البحر والنهر!.
وفي إحدى إقاماته القاهرية التي لا تُنسى من ذاكرته والتي اشتعل رأسه شيباً جراءها ليلة احتراق فندق شربد، حيث كان ينزل فيه ليلة 26 من يناير عام 1952م، ومعه أصول بع ض كتبه، وفي نحو الساعة الثالثة صباحاً استيقظ من نومه فجأة وهو يشعر باختناق في نَفَسه، فعمد إلى مفتاح الكهرباء ليشعل النور، فالنور منطفىء، ففتح النافذة فإذا بدخان أسود كثيف يغمرها، فاتجه نحو المصعد ليستعمله في الهبوط، لكن المصعد كان معطلاً بفعل انطفاء الكهرباء، فسمع وسط الظلام الدامس صوتاً يوجهه إلى الدرج، وبعد دقائق وجد نفسه في حديقة الفندق، والنار تلتهم الفندق بأكمله، وكان ذلك من مشاهد حريق القاهرة المشهور، فكتب الله لعادل النجاة للمرة الثانية بعد مأساة الظمأ التي تعرض لها في الصحراء أثناء رحلته إلى سورية، ومن المصادفات الغريبة أن أخاه أكرم كان بدوره نزيلاً في نفس الفندق لكنه كان في ضيافة أحد أصدقائه خارج الفندق أثناء الحريق. ولم يبرح هذا الحادث ذهن عادل وقد آمن أن كل يوم يحياه بعد الآن فضل من الله، ويجب أن يقضيه في خدمة الأمة، وظل يحتفظ بمفتاح حجرته في شبرد، وكان أن اشتعل رأسه شيباً فإذا سئل عن سببه قال: ذلك هو حادث شبرد!.
وقبل أن نطوي آخر صفحة في حياة عادل زعيتر سنعرض لموقف نبيل ومؤثر أثاره صديقه الوفي الأديب «وديع فلسطين»، والذي كان طرفاً مباشراً فيه، فأثناء سياق الحديث عن صدور أحد كتب زعيتر وصفه وديع بـ «الأديب النابلسي» نسبة إلى مدينة نابلس مسقط رأس زعيتر، فاستشاط الرجل غضباً، وانفجر معنفاً: لماذا تستصغر شأني إلى هذا الحد يا أستاذ وديع؟! أنا لا أقبل أن يقال عني حتى بأنني أديب فلسطيني لأنني أديب عربي، بالله عليك هل تصف أستاذ الجيل عندكم أحمد لطفي السيد باشا بأنه «الأديب البرقيني» نسبة إلى القرية التي جاء منها؟! يا أستاذ: نحن أدباء عرب، ننتمي إلى أمة العرب الكبرى، فلا «تسخطنا» بحصرنا في مدننا وقرانا!.
ولقد تبدت رحمة الله تعالى به أن جنّبه مشهد صدمتين عنيفتين إحداهما قومية وأخراهما عائلية. أما الأولى فهي كارثة يونيو عام 1967 ، وما تمخض عنها من ويلات ومآسٍ لامست نخاع الأمة. وأما الثانية فحدثت عام 1972م وتمثلت في استشهاد ابنه الشاب الأديب وائل زعيتر معتمد حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» في إيطاليا، الذي اغتاله إرهابي صهيوني من جهاز الموساد الإسرائيلي ساعة عودته إلى منزله في روما. استطاع وائل بحنكته أن يشيّد جسوراً متينة من التواصل مع بعض قادة الفكر والسياسة في الحزبين الإيطاليين الرئيسيين الاشتراكي والشيوعي، خاصة «البرتو مورافيا» الذي رثاه فور استشهاده. وأصدرت عنه كاتبة إيطالية كتاباً بعنوان «إلى فلسطين.. تخليداً لذكرى وائل زعيتر». ثم إن الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان جعلته عنواناً لأحد دواوينها: «على قمة الدنيا وحيداً».
صقر السياسة- عضو محترف
- {الجـنــس} :
{الإقــامـة} :
{آلـعـمـــر} : 37
{آلمسـآهمـات} : 3756
{تآريخ آلتسجيل} : 18/02/2008
{العــمــل} : عروبي يكشف الحقائق
رد: من ادباء فلسطين --- عادل زعيتر ---- رائد المترجمين العرب في القرن العشرين -- الجزء الاول والثاني
رحيله *الجزء الثاني
أثناء عكوفه على إنجاز الصفحات الأخيرة من كتاب كرادفو «مفكرو الإسلام»، داهمته نوبة قلبية قاسية حالت دون انتهائه من الترجمة، ففاضت روحه إلى بارئها صباح الحادي والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1957م. ونعاه أصدقاؤه في نابلس إلى هيئات البلاد وأعيانها ومفكريها، وأذاعت الإذاعة الأردنية من القدس نبأ الوفاة، وشيعت نابلس جثمان ابنها البار، ومشاركة وفود عديدة من مختلف أنحاء الوطن. وبعد مرور أربعة أشهر على وفاته، وتحديداً بتاريخ 14/3/1958م أقيم مهرجان ضخم لتأبينه شارك فيه بعض أعلام الأدب واللغة في مصر والعراق وبلاد الشام والمهجر، وبعدئذ طبعت وقائع المهرجان ومقالات الإشادة في كتاب «ذكرى عادل زعيتر» وتحدث في المهرجان كل من الدكتورة عائشة عبدالرحمن «بنت الشاطىء»، محمد عبدالغني حسن، عادل الغضبان، محمد الشريقي، مصطفى جواد (ممثل المجمع العلمي العراقي)، قدري طوقان، نظير زيتون، وكامل مروة، وممثلة الهيئات النسائية، عصام عبدالهادي، ونقيب المحامين فؤاد عبدالهادي، وعجاج نويهض عريف الحفل. وتلقى شقيقه أكرم زعيتر عشرات البرقيات المعزية من بينها برقية من شكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية الأسبق، وحشد من الشخصيات العربية المرموقة، وهذه مقتطفات مما كتب عن شخصيته:
< لعل عادل زعيتر هو أول مترجم يتفرغ للترجمة على أنها مصدر هوايته وحياته وعيشه، فقد كان محامياً فلسطينياً مشهوراً، ثم ترك المحاماة للترجمة، فأصبح في طليعة المترجمين، بل أحد الخمسة الأوائل الذين يعتد بهم فيها، ومع ذلك اضطر أن يبيع أرضاً له حتى يعيش قبل أن يموت منذ أيام في نابلس.
(كمال الملاخ - جريدة الأهرام القاهرة).
< يعتبر عادل زعيتر نسيجاً وحده في دنيا التأليف والترجمة، عاش بين الورق والحبر، ورأى الحياة كلها ورقاً وحبراً، ولكنه ما خط على القرطاس بقلمه إلا ما يرفع به رأسه عالياً، ورأس الأمة العربية، ورأس الثقافة الإنسانية.
(عبدالله المشنوق - جريدة بيروت المساء).
< كان عادل زعيتر أديباً ومؤرخاً ومجاهداً، ولكن مقاعد المجمع اللغوي في عاصمة العروبة قد ضاقت فلم تتسع له، ومن قبله كان اسعاف النشاشيبي وأقولها مجرداً من كل عاطفة شخصية إماماً من أئمة اللغة وقطباً من أقطابها، ومات ولم تك مقاعد المجمع اللغوي في عاصمة العروبة تتسع لاحتضانه، كما احتضنت المئات من قبله ومن بعده.
(ناصر الدين النشاشيبي - جريدة الأخبار القاهرة).
< لقد أسلست اللغة العربية قيادها للكاتب المؤرخ الأديب البحاثة عادل زعيتر، فوسعه أن ينقل إليها معاني كبار مفكري الغرب وصورهم الفكرية، وأخيلتهم الغريبة، وخصائصهم البيانية على نحو من الكمال والدقة وروعة الأسلوب وجزالته لم يبلغ شأوه فيها أحد من كتّابنا الذين كابدوا الترجمة وعانوا مشقاتها.
(إبراهيم الشنطي - جريدة الدفاع القدس).
< وكما عصى قلمه على الإسفاف والهبوط عصى منهجه في اختيار المترجمات على الانحراف والزيغ والضلال، وهو الذي رد إلى الترجمة اعتبارها بعد أن هبط بها المرتزقة والمأجورون وصنائع الاستعمار الفكري، وهو الذي وقف في غمرة الظلمة الداجنة يحمل المشعل بيده الكريمة ليضيء للعرب طريق الحق والخير والعزة، وما كان مشعله المضيء سوى قلم قوي نبيل أصيل يستمد قوته ونبله من عقل ناضج، وضمير حي، وقلب كبير، وذكاء ساطع.
< د. عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطىء).
< إن هذا الرجل أحد أساتذتي الذين اخترتهم لجامعتي الخاصة، ولقد لقنني أصعب الدروس في السياسة والأدب والاجتماع، وأنا مدين له بالكثير من ثقافتي القليلة! لم أره، ولم ألتق به، وحين قرأت نعيه طفر الدمع من عيني كما لو كنت أقرأ نعي صديقي.
(كامل الشناوي - جريدة الجمهورية)
< نود الإشارة في نهاية هذا التطواف المختصر بمناشدة مُلحّة لمن يهمهم أمر الثقافة بإعادة طباعة كتبه وبيعها بسعر رمزي لتعم فائدتها على الأمة العربية التي أفنى الراحل حياته من أجلها، رحم الله أبا عمر وتغمده في أفياء نعيمه.
نماذج من ترجمته
«قام محمد، الأمي، الجاهل لكل ما لا يمت إلى العلم المطلق بصلة، والنقي الفطري الكامل الطليق من فساد العقل والقلب، يدعو العلماء ليفقهوا ما يقولون، ويُقوِّم ما يتيه فيه الحكماء من الطرق المعوجة، فالناس حين يستمعون لكلامه الموحى إليه به ولأمثاله الملائمة لروح الزمن «إن الله لا يستحيي أن ي ضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها»، يعود إليهم سابق اتصالهم بالسر المحيط بهم خاشعين لله، عالمين كيف يسلكون أحد النجدين، مهتدين إلى مبدأ حي ناطق لا يجدون مثله في نصائح الفلاسفة وآراء أقطاب السياسة، وكان ظهور محمد في دور من أشد أدوار التاريخ ظلاماً، في دور كانت الحضارات التي قامت في البلدان الممتدة من بلاد المغول الميروفنجية إلى بلاد الهند مضطربة متداعية».
(حياة محمد) لدرمنغم.
< «إن قدماء اليهود لم يجاوزوا أطوار الحضارة السفلى التي لا تكاد يُمتَّز في طور الوحشية، وعندما خرج هؤلاء البدويون الذين لا أثر للثقافة فيهم من باديتهم ليستقروا بفلسطين وجدوا أنفسهم أمام أمم قوية متمدنة منذ زمن طويل، فكان أمرهم كأمر جميع العروق الدنيا التي تكون في أحوال مماثلة، فلم يقتبسوا من تلك الأمم العليا سوى أخس ما في حضارتهم، أي لم يقتبسوا غير عيوبها وعاداتها الضارية ودعارتها وخرافاتها».
< «إن تاريخ اليهود الكئيب لم يكن غير قصة لضروب المنكرات، فمن حديث الأسارى الذين كانوا يوشرون بالمنشار أحياء أو الذين كانوا يُشوون في الأفران، فإلى حديث الملكات اللائي كن يطرحن لتأكلهن الكلاب، فإلى حديث سكان المدن الذين كانوا يذبحون من غير تفريق بين الرجال والنساء والشيب والولدان»..
< «إن تأثير اليهود في تاريخ الحضارة صفر، وإن اليهود لم يستحقوا بأي وجه أن يعدوا من الأمم المتمدنة، إن فلسطين أو أرض الميعاد لم تكن غير بيئة مختلقة لليهود، فالبادية كانت وطنهم الحقيقي».
(اليهود في تاريخ الحضارات) لغوستاف لوبون.
< «المرأة هي التي تصنع العالم، وهي المسيطرة عليه ولا شيء يُصنع فيه إلا من أجلها وفي سبيلها، والواقع أنها أكبر مربية للرجل، فهي تعلمه الفضائل الفاتنة، وهي تعلمه الأدب والاتزان، وذلك الزهو الذي يخشى الظهور به ثقيلاً».
< «ليست الحقيقة غرض الفن، وإنما تطلب الحقيقة من العلوم لأنها هدفها، ولا ينبغي طلب الحقيقة من الآداب التي لا يمكن أن يكون لها غير الجميل موضوعاً!».
(حديقة أبيقور) لأناتول فرانس.
< «وتنزل الإنسان عن حريته يعني تنزلاً عن صفة الإنسان فيه وتنزلاً عن الحقوق الإنسانية، وعن واجباتها أيضاً، ولا تعويض يمكن لمن يتنزل عن كل شيء، وتنزل كهذا يناقض طبيعة الإنسان، ونزع كل حرية من إرادة الإنسان هو نزع كل أدب من أعماله، ثم إن من العهود الباطلة المتناقضة اشتراط سلطان مطلق من ناحية وطاعة لا حد لها من ناحية أخرى»، (العقد الاجتماعي) لروسو.
الكاتب والمؤلف في سطور
FPRIVATE "TYPE=PICT;ALT=nabiii"
نبيل خالد الآغا
صحفي، كاتب، باحث
ولد بمدينة خان يونس- قطاع غزة- فلسطين في العام 1942 وفيها أنهى مرحلتي التعليم الابتدائي والإعدادي، ونال شهادة الثانوية العامة في دولة قطر في العام 1963م.
حصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في كلية دار العلوم /جامعة القاهرة 1967.
عمل مدرساً بليبيا مدة تسع سنوات(1968-1977م) واعتمدته حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» ممثلا لها في مدينة البيضاء /محافظة الجبل الأخضر.
في العام 1977م تعاقد مع وزارة الإعلام في دولة قطر، وشغل مهمة سكرتير تحرير مجلة الدوحة الثقافية الشهرية مدة تسع سنوات وقد ساهم في تحريرها، وتمثيلها في مناسبات عربية وإسلامية مختلفة، كما أجرى مقابلات وحوارات ثقافية وسياسية ودينية مع شخصيات مرموقة، ونشر بها سلسلة مقالات بعنوان: «وجه مدينة من فلسطين» وذلك بعد زيارته لفلسطين المحتلة عام 1979، ليصدر لاحقا" كتاب «مدائن فلسطين-دراسات ومشاهدات».
وعمل مراسلاً لعديد من الصحف والمجلات العربية،وعندما احتجبت المجلة عن الصدور في العام 1986 التحق للعمل في إدارة المناهج والكتب المدرسية بوزارة التربية والتعليم بدولة قطر (1987-2002) ،ومن ثم عمل محررا بصحيفة «الوطن» القطرية (2002-2007).
يعمل حاليا (2008) سكرتيرا لتحرير مجلة الدوحة بعد إعادة إصدارها من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث بدولة قطر.
حصل على الجنسية الأردنية في العام 1985 بناء على موافقة مجلس الوزراء الأردني.
صدرت له الكتب التالية:
1- الشهيد الحي عبد القادر الحسيني - المؤسسة العربية للدراسات والنشر -بيروت 1980
2- مدائن فلسطين دراسات ومشاهدات - المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت 1993
3- لن نقول للقدس وداعاً- المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت 1998
4- شعراء حول الرسول (صلى الله عليه وسلم) - دار البشير للطباعة والنشر -عمان 1998
-5 أنبياء الله في فلسطين -المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت 2001
6- وجوه فلسطينية خالدة (الجزء الأول) المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 2002
7- مختارات من اللغة والأدب (خمسة أجزاء) - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 2002
8- كلمة سواء - أفكار في الحوار الإسلامي المسيحي - مؤسسة قطر للإعلام والتسويق الدوحة 2003 «مترجم إلى اللغة الإنجليزية»
وله قيد الطبع: طبائع اليهود في القرآن والحياة - وله قيد الإعداد الجزء الثاني من كتاب «وجوه فلسطينية خالدة»
صقر السياسة- عضو محترف
- {الجـنــس} :
{الإقــامـة} :
{آلـعـمـــر} : 37
{آلمسـآهمـات} : 3756
{تآريخ آلتسجيل} : 18/02/2008
{العــمــل} : عروبي يكشف الحقائق
مواضيع مماثلة
» استطلاع للرأي العام :هام جدا جدا الجزء الاول والثاني
» الاستاذ الفاقد لحنان تلميذته --- الجزء الاول والثاني
» كوهين : الوفاة في دمشق والعزاء في عمان!! --- الجزء الاول والثاني
» من ادباء فلسطين ---- الاديب زهير محسن
» الصحف الاردنية تبرز زيارة الملك إلى بروناي 14-5-2008-- الجزء الاول والثاني
» الاستاذ الفاقد لحنان تلميذته --- الجزء الاول والثاني
» كوهين : الوفاة في دمشق والعزاء في عمان!! --- الجزء الاول والثاني
» من ادباء فلسطين ---- الاديب زهير محسن
» الصحف الاردنية تبرز زيارة الملك إلى بروناي 14-5-2008-- الجزء الاول والثاني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2021-01-27, 6:48 pm من طرف مازن محمد خالد
» معلومات قبل شراء كاميرات المراقبة
2021-01-14, 6:20 pm من طرف مازن محمد خالد
» انظمة الصوتيات والاذاعه الداخلية
2020-12-28, 9:33 pm من طرف مازن محمد خالد
» لسه مركبتش كاميرات مراقبة ادخل والحق العروض
2020-12-05, 11:12 pm من طرف مازن محمد خالد
» افضل كاميرات مراقبة VACRON
2020-11-07, 8:20 pm من طرف مازن محمد خالد
» سنترالات باناسونيك وعروضها
2020-10-20, 5:00 pm من طرف مازن محمد خالد
» كاميرات المراقبة المنزلية /اسعار كاميرات المراقبة المنزلية
2020-10-07, 7:18 pm من طرف مازن محمد خالد
» احدث انواع وماركات كاميرات المراقبة
2020-09-10, 7:47 pm من طرف مازن محمد خالد
» افضل العروض علي اسعار كاميرات المراقبة
2020-08-13, 7:48 pm من طرف مازن محمد خالد
» شركة تركيب كاميرات مراقبة باقل الاسعار
2020-07-13, 8:12 pm من طرف مازن محمد خالد