بعد الذي حصل ويحصل : إلى أين تمضي بنا عربات النظام الدولي الجديد ؟

من طرف صقر السياسة 2008-05-07, 1:35 pm

يتأهب الجميع لمواجهة الواقع , هذا السيف الصارم الذي صار يقف في طريق كلّ إنسان في العالم – الذي لا ندري ماذا أصبح تصنيفه بعد أن كان يصنّف بالثالث فيما مضى ؟ - .. كلّ شيء سائر باتجاه الاشتباك مع غيره الآخر , مهما كان هذا الآخر , بعد أن أثبتت التجربة المريرة في العراق أن الصراع لم يكن طائفيّا ً , وإن كان كذلك في إحدى مراحل اللعبة الخطرة , التي لعبها غول العالم على سهول وادي الرافدين , الذي تحوّل إلى وادي الموت , ويغذّيه نهران من دم , بعد أن كانا يوصفان على أنهما نهران من الجنة ! .

الجميع يترقّب تحوّلات القدر , إذ فشلت كلّ الاستنتاجات في قراءة ما حدث ويحدث قراءة صحيحة أو منطقيّة , أو على درجة ما من العلميّة , التي اعتمدت التقارير المهنيّة والإحصاءات , وما إلى ذلك من بيانات تبرز حجم المأساة والمعاناة في العالم , منطلقين من الغيوم الصاعدة مع أبخرة المحنة في العراق , والسائرة إلى جميع العالم لتمطر على أعصابه , وتنقل سموم المعاناة وفصولها إليه بصور مختلفة , وكان العالم في السابق يخاف القنبلة النووية التي تفعل فعلها في بقعة كبيرة من العالم , أما اليوم , فالقنابل النووية كلّها لا تعادل الدمار الذي حلّ بدم ٍ باردٍ , في أرجاء العالم , وواجه مرتكبوه سكّان الأرض بضحكات وابتسامات وتعليقات , تعبّر عن سخريتهم , وحجم إجرامهم , فيما يجعل بعض منظري السياسة سلوكيّاتهم هذه متحضرة تنبع من حرصهم على النظام الدولي الجديد.

اذهبوا إذن لمدن العراق , لتعرفوا ما فعله النظام الدولي الجديد ؟

أو اسمحوا للكاميرات والإعلاميين برصد كلّ شيء , ولا تقتلوهم على أيدي مجهولين ؟

لن نتحدث عن مدينة الصدر , فمحنتها لا تخفى على أحد , ولن نتحدث عن البصرة المخرّبة , فواقعها يفصح عن كل ما تعانيه , على الرغم من تضليل الترقيع الذي يدعيه بناة خرابها الجديد ! , ولن نتحدث عن الناصريّة , التي تركوا حاجاتها الملحّة وذهبوا إلى متنزهها المتروك منذ أن شاهدتُه قبل ثلاثين عاما ً , ليصرفوا عليه ثلاثة مليارات دينار , فيما المدينة تعاني الظلام والأوساخ والحاجات الإنسانيّة الملحة , ولن أتحدث عن ميسان , التي يجلس أبناؤها على تل من ذهب , لكنهم يشكلون النسبة الأكبر في العوز والفقر , ولن أتحدث عن الكوت , التي تمر ّ بها العواصف بين فترة وأخرى لتريق فيها الدماء والألم , كما لن أتحدث عن مدن الفرات الأوسط , التي تكاد تنزوي في التأريخ وفي الجغرافيا إهمالا ً ومعاناة , رغم أن أهلها قدموا الغالي والنفيس للوطن , وجلسوا متضرعين لقبب أضرحة أولياء الله تعالى , يتضرعون لهم ويحتمون بهم , ولن أتحدث عن غرب البلاد الباسل , وهو قد أرق المحتلين وأعوانه , فتوعّدوه بهجوم قاس ٍ , ربما يذكر بالفلوجة البطلة الصامدة التي صارت علامة فارقة في جبين الوطن , ولن أتحدث عن سامراء أو ديالى , أو صلاح الدين , فهذه المدن لا تستقر ولا تهدأ , وأبناؤها الأبطال يعانون مرارة الاحتلال وأعوانه وممارساتهم التي يقف لها شعر الرأس دهشة وتعجبا ً , ولن أتحدث عن الموصل , أم الربيعين , التي صارت أم الأشباح , وهي تشهد صراعا ً يوميا ً داميا ً .

هل أتحدث عن العراق , الجريح الممزّق , الذي كان فرده مميزا ً في العالم كله , بوضعه ومكانته , فيما اليوم يرقد الكثير من أبنائه في شوارع الشتات يئنون حسرة وعوزا ً وجوعا ً ومهانة .

هل رأيتم معي ما جاء به النظام الدولي الجديد ؟

هل أتحدث عن فصول أخرى من المحنة , التي امتد حريقها من العراق إلى المنطقة , ومنها سيشمل العالم كله , إن لم يكن شمله حقا ً ؟
هل نتحدث ؟

وماذا بعد ؟

الله كريم !!!