منتديات قفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مقال قد اعجبتني

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

126 مقال قد اعجبتني

مُساهمة من طرف جهادي 2008-03-21, 1:49 am

وهو في أوج سطوته وشروق الولاية الثانية من رئاسته، أطلق سيد العالم رؤيته، لكنه نام عليها، وانشغل بحربه على الارهاب عنها، فلم يفعل شيئاً على درب تجسيدها،
وبعد أن أنفق كل سني حكمه على تطبيق نظريته الخاصة بمحاربة الإرهاب، فغاص في أوحال العراق وتاه في دهاليز أفغانستان، استفاق التائه من تيهه على رؤيته وهي تنحسر متجهة نحو أفول نجمه في آخر عام من ثاني وآخر ولاية له، لاسيما بعد أن بات يدرك إدراك اليقين أنه يغادر ولايته في غضون عام، دون أن يتمكن من إغلاق ملفات كثيرة ما كان له أن يفتحها كالملف العراقي والإيراني والأفغاني والإفريقي والصيني والروسي والكوري و... و...،
كان بوش قد أعلن – قبل الشروع في أول جولة له في المنطقة – أن زيارته تهدف إلى تعزيز الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإقناع الدول العربية التي ستكون جزءاً من جولته بأن السلام بينها وبين إسرائيل هو في صالح العرب جميعاً، وإقناعها أيضاً بضرورة دعمها للعملية التفاوضية التي تم إطلاقها في أنابوليس، والتدارس مع قادتها حول مواجهة الخطر الإيراني على الدول الخليجية. أما ما لم يصرح به بوش، فهو خلق تحالف بين معكسر الاعتدال العربي وإسرائيل لمواجهة الخطر الإيراني. غير أن الهدف الرئيس لزيارة بوش، فهو مساندة رئيس الوزراء الإسرائيلي، أولمرت، بتوفير غطاء سياسي أمريكي له يداري عجزه وفشله ويطيل في عمر حكمه، إثر تهديدات "إسرائيل بيتنا" و "شاس" بإسقاط جكومته، وهو ما نراه الآن قد حدث حيث أعلن ليبرمان انسحابه من الائتلاف الحكومي! وزيادة على ما تقدم، فإن من الأهمية عند بوش أن ينجح في خريف عهده بتسجيل نقطة لصالحه تتمثل في اهتمامه ببذل جهد ينهي من خلاله الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليثبت بذلك أنه ليس فقط رجل حرب كرس نفسه لمحاربة الإرهاب، وإنما أيضاً رجل سلام يسعى إلى نشر السلام بدءاً من أرض السلام!
فبعد أن زارنا بوش وغادرنا، ورأينا منه ما رأينا، فقد بات في مكنتنا أن نقرأ غدنا انطلاقاً من يومنا وأمسنا. ونحن لو عدنا إلى الوراء أياماً قليلة لنسمع المديح العظيم الذي صبه بوش صباً، عشية زيارته، على رئيس الوزراء الإسرائيلي، أولمرت، وحكومته، لأدركنا أن أول هدف رصده بوش من زيارته هو دعمه لأولمرت دون حد له أو قيد عليه.
إن كل ما تحدث عنه بوش فيما يتصل بالقضايا الجوهرية – أثناء زيارته إلى منطقتنا – يؤكد على تبنيه الكامل للموقف الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني. فبوش الذي أكد غير مرة، وفي غير مناسبة، على رؤيته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية، عاد من جديد ليؤكد – بقوة كبيرة ووضوح طاغ – على الضمانات التي كان قد قدمها إلى شارون في 14/4/2004 فيما اشتهر بأنه "وثيقة الضمانات الأمريكية" المؤيدة للاءات الإسرائيلية الكبيرة المنتصبة في وجه أي انسحاب من القدس، والعودة إلى حدود الرابع من يونيه 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا بالقوة عنها عام 1948. إن ما يزيد هذا الأمر خطورة هو أن الرئيس الأمريكي شدد، أثناء زيارته لإسرائيل، على زيادة الالتزام الأمريكي بالوعد الذي تضمنته "وثيقة الضمانات الأمريكية". وبذلك، يكون الرئيس الأمريكي قد قضى على ما كان قد تبقى من خلاف بين أمريكا وإسرائيل في شأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لاسيما وإنه طالب في بيانه الختامي بالتوافق على تعديل خطوط هدنة 1949 على نحو يمكن إسرائيل من ضم الكتل الاستيطانية الكبرى، بالإضافة إلى تعبيره عن الدعم الأمريكي غير المحدود ليهودية الدولة العبرية وضمان سلامتها وأمنها واستقرار ورفاهية اليهود فيها، مع مطالبته بالعمل على خلق آليات يتم من خلالها تعويض اللاجئين الفلسطينيين عن حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي هجروا بالقوة منها، وذلك لضمان عدم عودتهم إلى إسرائيل التي يسعى بوش إلى جعلها دولة خالصة لليهود دون سواهم، وهو بذلك يتبنى الرؤية الإسرائيلية اليهودية بكاملها في نصها وحرفها. أما فيما يتعلق بمدينة القدس، فقد رأى الرئيس الأمريكي أن قضية القدس قد بلغت من الاستشكال حداً لابد من الشروع معه في تنازلات صعبة والتوجه نحو إيجاد حلول مبدعة، ما يعني أن الجزء الشرقي من المدينة المقدسة لا يراه أرضاً محتلة ينبغي أن يزول الاحتلال عنها.
إن أخطر ما كان من بوش في زيارته هو إعلانه أن عملية السلام قد باتت مرتبطة بمرجعية جديدة تتمثل في شخصه بغض النظر عن أفول نجمه وهبوط ولايته الرئاسية نحو خريفها، متخلياً في ذلك عن المرجعية الأساسية المعتمدة دولياً والمتمثلة في الشرعية الدولية وقراراتها الصادرة في سياق عملية السلام لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والعربي الإسرائيلي. ويتجلى هذا المنطق الجديد والمعكوس للرئيس بوش في اهتمامه غير المحدود بالأمن الإسرائيلي من خلال تركيزه على محاربة التطرف والإرهاب دون النظر من قريب أو من بعيد إلى أن الأمر، بكل بساطة، هو صراع شعب طرد من أرضه وسلب حقه مع قوة احتلال لا تريد أن ترحل عنه لنمكنه من أن يقرر مصيره بنفسه.
ولعلنا نعود إلى الوراء قليلاً لندرك الانحياز النهائي للرئيس الأمريكي لصالح إسرائيل المحتلة ضد الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال وهو يطالب أبا مازن، في مؤتمره الصحفي مع أولمرت، بضبط الوضع الأمني الفلسطيني في اتجاه إسرائيل، لاسيما إطلاق الصواريخ من غزة، بالرغم من أنه يعي تماماً أن أبا مازن الذي لا يملك السيطرة الأمنية على الضفة الغربية لايملك أي نوع من السيطرة على غزة التي تحكمها حركة حماس منذ الرابع عشر من يونيه الماضي. قال هذا مع أولمرت، غير أنه اعترف في مؤتمره الصحفي مع أبي مازن بصعوبة الأوضاع في غزة، ما قد يؤدي إلى عدم التوصل إلى حل خلال عام، وهو الذي كان قد أعلن أن عام 2008 هو عام الحل وعام إقامة الدولة الفلسطينية وارتباطها بهذه المنطقة، فإن الاندهاش كبير بين إقرار بوش بصعوبة الوضع في غزة التي تسيطر عليها حماس وبين مطالبته أبي مازن بضبط الوضع الأمني مع إسرائيل ووقف إطلاق الصواريخ من غزة عليها. هل يمكن لذلك أن يعني غير أحد أمرين: إما حرب أهلية قد تنهي القضية الفلسطينية إنهاء تاماً وكاملاً، وإما أن يضطر أبو مازن إلى الطلب من إسرائيل وأمريكا التدخل العسكري بغية إعادة غزة إلى عصمته، وهو ما لن يكون، بل ما لا يفعله أي فلسطيني. إن مطالبة الرئيس الأمريكي للرئيس الفلسطيني بألا يتحاور مع حماس وألا يتصالح معها وأن يعيد غزة التي تسيطر عليها حماس إلى شرعيته وسلطته وعصمته في آن، إنما هو طلب تعجيزي يشبه في طبيعته التعجيزية أن يُطلب من امرئ أن يلتهم قطعة من الحلوى وأن يبقيها على حالها في آن!
إن رفض بوش الضغط على إسرائيل يعني وقوع الضغط المكثف فقط على الفلسطينيين، الأمر الذي يطلق يد إسرائيل القوية يمنة ويسرة، ومتى حلا لها ذلك. لم يمارس بوش أي ضغط باتجاه وقف الاستيطان على نحو نهائي، كما لم يشدد على إزالة البؤر الاستيطانية والحواجز، بل إنه أعطى المبررات والذرائع لإسرائيل بالإبقاء عليها باعتبارها ضرورات إسرائيلية لحفظ أمنها، رغم اعترافه بما يسببه من إزعاج للفلسطينيين. إن ما يؤكد لكل فلسطيني ولكل عربي في رأسه القليل من العقل والحكمة أن الرئيس الأمريكي لا خير يرتجى منه، هو أنه سمع أولمرت وهو يعلن عن الفرق بين الاستيطان في الضفة والاستيطان في المدينة المقدسة، دون أن يعترض على ذلك وهو الذي يعلم أن الاستيطان واحد وأن الاستيطان محرم إنْ على المستوى الدولي الأممي وإن على المستوى الأمريكي.
إنه ينبغي لكل من أراد أن يقف على حقيقة ما أنجزته زيارة بوش للشعب الفلسطيني أن يرى الآتي:
1) أنه لم يطلق سراح أي دفعة من الأسرى 2) أن الحواجز لم تُزَلْ 3) أن المؤسسات المقدسية المغلقة لم يُعَدْ فتحها 4) أن الحصار المفروض على غزة لم يرفع ولم يخفف 5) أن بوش لم يطلب من إسرائيل رفع الحصار عن غزة والذي أودى، حتى اللحظة بحياة 84 مريضاً حيل بينهم وبين العلاج في الخارج بسبب الحصار، بل إنه لم يتحدث عن هذا الحصار ومعاناة أهل غزة منه 6) أن العمليات العسكرية ضد الشعب الفلسطيني، لاسيما في غزة، لم يتوقف، بل إن العالم كله يسمع في كل يوم ويشهد توغلات واجتياحات في أماكن مختلفة توقع عشرات الشهداء، وليس أدل على ذلك من مجزرة حي الزيتون بغزة التي راح ضحيتها 18 شهيداً في بحر ساعتين ثنتين 7) أن الاستيطان متواصل وعلى نحو أكثر تصعيداً وكثافة حتى في قلب الجزء الشرقي من القدس، وقد سمعنا عن 7800 وحدة سكنية استيطانية جديدة في القدس 8) أن بوش لم يطلب شيئاً من إسرائيل المحتلة والمعتدية والقاتلة يومياً لأبناء الشعب الفلسطيني، كذلك فهو لم يحمل إسرائيل مسؤوليتها عن أي شيء، بل أعلن عن كامل الدعم الأمريكي لأولمرت وحكومته حتى أنه طلب، على نحو مباشر، من شخصيات قيادية إسرائيلية دعم أولمرت والإبقاء على حكومته لحمايتها من السقوط 9) وفوق كل ذلك، فقد طالب بوش كل دولة عربية زارها بمد اليد نحو إسرائيل، بغية بناء تحالف معها ضد العدو الإيراني 10) وإيغالاً في استفزاز مشاعر الفلسطينيين وإهانة رمزيتهم وسيادتهم الوطنية، فقد تعمد بوش إدارة ظهره للأصول المراسيمية والأعراف البروتوكولية التي تمثلت في رفضه مجرد سماع معزوفة السلام الوطني الفلسطيني الذي بذل الشعب الفلسطيني تضحيات جمة في سبيله ورفضه وضع إكليل من الزهور على قبر ياسر عرفات الذي يدرك بوش مدى رمزيته الشعبية والنضالية والتاريخية، فيما قام بتحية "يد فاشيم" رمزية ما يوصف بالمحرقة اليهودية "الهولوكوست".
ألم يدرك الرئيس الأمريكي حجم إجرامه وهو يصف الأمم المتحدة بالفاشلة فيما يتصل بالقضية الفلسطينية والناجحة فيما يتصل بالحرب على العراق. ألا يستطيع عقله أن يقوده إلى حقيقة دعمه المتواصل للعدوان الإسرائيلي ووقوفه ضد كل القرارات التي تدين إسرائيل واعتداءاتها من خلال حق النقض الذي مارسته إدارته دوماً؟!
لعل كل ذي عقل يدرك الآن مفاعيل التحالف الاستراتيجي الكامل الذي أعلن عنه عام 1981 بين إسرائيل وأمريكا، ولعل الجميع يدرك أن الرؤية الأمريكية من خلال بوش قد باتت متطابقة على نحو كامل ليس مع رؤية إسرائيل فحسب، بل مع موقفها من كل شيء في اتجاه الشعب الفلسطيني، دونما أدنى اهتمام بالشرعية الدولية أو قراراتها أو مبادرة السلام العربية أو حتى خارطة الطريق بشقيها الأمني والسياسي. ففي ضوء الوضوح البادي تماماً في الموقف الأمريكي من كل القضايا الجوهرية والذي عبر عنه مستشار الأمن القومي الأمريكي بقوله إنه لا يتوقع اختراقات تاريخية كبيرة من زيارة الرئيس الأمريكي، وهو ما يتطابق تماماً مع الواقع الميداني للزيارة، فإن العقل يقول إننا متجهون نحو المزيد من القلق والإحباط والتشاؤم.
إن ما كان من بوش أثناء زيارته لإسرائيل ورام الله هو دعم كامل وتبني كامل ودقيق لـ "وثيقة الضمانات الأمريكية" شكلاً ومحتوى، فعلى سبيل المثال:
1) زاد بوش في تأكيده على رؤيته حول حل الدولتين، استناداً على أن الدولة الفلسطينية التي ستقام بناءً على رؤيته مرتبطة تماماً بدولة إسرائيل الممهورة بالصبغة اليهودية. وقد كان بوش في تأكيده الصارم على يهودية إسرائيل أكثر حزماً وحسماً وحماسة من الإسرائيلين أنفسهم.
2) اكتفى بوش بالإشارة إلى تعويض اللاجئين الفلسطينيين عن حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي هجروا بالقوة منها، وهو موقف يتطابق تطابقاً كلياً مع موقف إسرائيل الذي عبرت عنه وزيرة الخارجية، ليفني، بقولها إنها لا تريد أن ترى لاجئاً فلسطينياً واحداً يعود إلى إسرائيل.
3) اكتفى بوش بوصف قضية المدينة المقدسة بأنها قضية يلفها التعقيد والاشتباك، دون حتى أدنى إشارة إلى جزء شرقي وجزء غربي فيها، ما يعني محاولته للتناغم مع ليبرمان الذي يؤمن مع كثير من المتطرفين أن القدس مدينة يهودية موحدة لا تنازل عن أي شبر منها.
4) اكتفى بوش بالحديث عن ضرورة إزالة النقاط الاستيطانية العشوائية مع وضع ما صنعته إسرائيل من وقائع على الأرض في مركز الاهتمام، الأمر الذي يعني تأييده لإسرائيل في ضمها للمناطق التي يبتلعها جدار الفصل العنصري والتي تقام التجمعات الاستيطانية فيها.
5) لم ينتقد بوش ولم يعترض ولم يتحفظ على أولمرت الذي سرعان ما أعلن – بعد انتهاء زيارة بوش – أن هناك فرقاً بين الاستيطان في القدس والاستيطان في سواها!
6) أعلن بوش تخليه عن المرجعيات السابقة ممثلة في الشرعية الدولية، مؤكداً على أن المرجعية الجديدة قد باتت متمثلة فيه، بصفته رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الذي سيغادر ولايته خلال أقل من عام!
7) ضرب بوش عرض الحائط المبادرة العربية للسلام والتي ما كان استنادها إلا على قرارات الشرعية الدولية.
8) لم يعدم بوش الوسائل لإيجاد مبررات للمئات من الحواجز والبؤر الاستيطانية بحجة حماية أمن إسرائيل.
9) لم يشر بوش إلى ما تسببه الإجراءات الإسرائيلية وإجراءات الحصار والجدار من معاناة للشعب الفلسطيني على مستوى يومي، بل إنه لم يشر إلى المرضى الذين قضوا بسبب الحصار الذي حال بينهم وبين السفر من أجل العلاج.
10) اختار بوش مايو 2008 موعداً لزيارته الثانية كي يشارك الإسرائيليين مناسبتهم الاحتفالية بالذكرى الستينية لقيام دولتهم، ولم يختر موعداً لزيارته ليشارك الفلسطينيين إعلان دولتهم التي وعد بقيامها خلال العام 2008.

لقد تحدث بوش عن الحرية وأفاض في الحديث عنها في كل مكان زاره دون أن يأتي على خاطره، ولو لمرة واحدة، أن هذه الحرية التي أكثر من الحديث عنها، ربما تكون الشيء الوحيد الذي يحظر على الفلسطينيين التمتع به على مستوى اليوم والساعة والدقيقة واللحظة، فضلاً عن حقهم الأساسي المسلوب منهم للتمتع بمشاعر الحرية على أرض وطنهم. كما أن تأكيد بوش على "وثيقة الضمانات الأمريكية" الداعمة للاءات الإسرائيلية ضد القدس واللاجئين والحدود يدلل على سطحية تفكيره الذي لم يوصله إلى القناعة ببديهية مفادها أن إسرائيل وأمريكا لن تجدا فلسطينياً واحداً يستطيع أن يقدم تنازلاً يتجاوز ما توقف عرفات على حده. لقد بلغ بوش حداً من السطحية أنه لم يفهم حتى اليوم أن أحداً لا يستطيع أن يجيز الاستيطان في الضفة أو أن يسقط حق العودة ليقبل بالتعويض عنه أو أن يتنازل عن جزء من الجزء الشرقي من المدينة المقدسة باعتبارها العاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
إن تسفيه بوش للشرعية الدولية وتجاوزه للقرارات الأممية بصفتها المرجعية المعتمدة منذ زمن بعيد لحل الصراع، يعني تسفيهه وتجاوزه وعدم احترامه لكل الاتفاقيات التي سبق توقيعها من الفلسطينيين والإسرائيليين منذ اتفاق أوسلو وحتى يومنا هذا. ليس هذا فحسب، وإنما يعني ذلك مغادرة خارطة الطريق وإهمال المبادرة العربية للسلام. فإعلان بوش إسقاط المرجعية السابقة وابتداعه مرجعية جديدة مرتبطة بشخصه إنما يعني المراهنة على سراب وليس على الولايات المتحدة التي يرئسها الآن وسيغادرها في أقل من عام، الأمر الذي يعني أن هذه المرجعية الجديدة التي ابتدعها سوف تذهب بذهابه من الرئاسة وسوف يغادرها من اضطروا اليوم إليها بمجرد مغادرته البيت الأبيض. وعليه، فلا مرجعية لعملية السلام، بعدئذ، إلا إسرائيل التي باتت كل مفاتيح التحكم في قبضتها!
إن إسقاط بوش للشرعية الدولية والقرارات الأممية كمرجعية معتمدة لصالح مرجعيته أو رؤيته أو مبادرته، في الوقت الذي أعلن فيه، دون أدنى مواربة، أنه لن يضغط على إسرائيل، إنما يعني أن إسرائيل – وإسرائيل فقط – ستكون صاحبة العقد والحل. أما ادعاء بوش بأن الشرعية الدولية قد فشلت في تحقيق السلام، فادعاؤه مردود عليه بحكم الواقعية التاريخية للشرعية الدولية والأمم المتحدة. فالشرعية الدولية أُفشلت ومفاعيل قرارات الأمم المتحدة طالما أجهضت بفعل "الفيتو الأمريكي" حيناً وبفعل المساندة الأمريكية غير المحدودة حيناً آخر.
أفلا ندرك – نحن الفلسطينيين – كيف كان بوش وقحاً معنا، ومستعدياً علينا، ومستخفاً بنا، حينما كال لنا – وهو في عقر دارنا – الضربات والإهانات، ما كان ينبغي له أن يستحثنا، أو أن يستثيرنا، أو على الأقل، أن يعدل ما اعوج من فهم لدينا؟! ألا ندرك بعد كل ما كان من بوش – حتى أثناء زيارته لنا – من شطب لثوابتنا التي هي عزنا ومجدنا ومستقبلنا؟! ألم يشطب – وهو في دارنا – حقنا في العودة إلى ديارنا وأبدلنا التعويض عنها كبديل لا بديل عنه، وكذلك حقنا المقدس في قدسنا، وحقنا في دولتنا الفلسطينية المستقلة على ترابنا الوطني؟!
فإذا كان بوش – بما يحكمه من استنطاع يغيب عقله – لا يدرك أن اصطناعه لمرجعية جديدة هو مرجعها، بديلاً عن المرجعية الدولية التي وصفها بالفاشلة، إنما يشكل على ثوابتنا المستندة على الشرعية الدولية والقرارات الأممية استعداءً، فهل نجوز – نحن الفلسطينيين – لأنفسنا وأولنا قيادتنا وأصحاب القرار منا ألا ندرك ذلك، أو ندركه ونسمعه فلا نسمعه، وكأن شيئاً لم يكن؟!
وإذا كان بن كاسبيت، المعلق السياسي لصحيفة " معاريف" الإسرائيلية واسعة الانتشار، قد قال "إن بوش الذي ألحق ضرراً بالشرق الأوسط بكامله، يعرض العالم الحر للخطر"، مضيفاً على نحو ساخر قوله: "لم يبق أمام العالم الحر إلا أن يحسب الوقت المتبقي لإنهاء آخر سنة من ولايته، لأنها بكل تأكيد ستكون سنة طويلة ومؤلمة، وبإنهائها، فإن الكثيرين سيتعلقون بأمل أن ينجح خليفته في إصلاح بعض الضرر الذي تسبب فيه"، مضيفاً أن بوش "هو المسؤول المباشر عن الفوضى في العراق"، وأنه لو تمكن "فسيعمل على إسقاط النظام السوري لكي يضعضع الاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من أن يفهم حجم الخطر الكامن في خطواته".
وإذا كان باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي، يقول: "إن بوش رجل غير ذي صلة وأنه لا يعرف عم يتكلم"،
وإذا كان جدعون ليفي يرى – طبقاً لما كتبه في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية واسعة الانتشار – أن بوش "هو المسؤول عن تشجيع إسرائيل على مواصلة الاستيطان والحرب والقصف ضد الفلسطينيين"، مضيفاً أن "البيت الأبيض لم يعرف زعيماً منح إسرائيل إذناً مفتوحاً ليشن الحرب على الفلسطينيين مثلما فعل بوش الذي شجع القادة الإسرائيليين على عمليات العنف وتكريس واقع الاحتلال... وأضفى شرعية على كل فعل ارتكبته إسرائيل"، مؤكداً على مساهمته في "ترسيخ الاحتلال وجعله أكثر قسوة، ومنحه إسرائيل الضوء الأخضر لكي تشن الحرب الأخيرة على لبنان، وأن الولايات المتحدة بقيادة بوش هي التي تقود الحصار المفروض على حكومة حماس، وهو الحصار الذي يهدف إلى تجويع أهل غزة"،
وإذا كان يوسي سريد، رئيس حركة "ميرتس"، وزير التعليم الإسرائيلي سابقاً، قد نشرت صحيفة "معاريف" قوله الساخر بأن "زعامة بوش للعالم زعامة خاوية، حيث سقطت على العالم وعلى كل من فيه مصيبة فادحة عندما انتخب بوش رئيساً للولايات المتحدة، ذلك أنه ليس الشخص الذي يمكنه أن يخفف آلام العالم وأوجاعه".
أما آخر الكلام، فإذا كان كل أولئك هذه هي آراؤهم، وبعد أن صوب بوش للزعماء العرب لكمات قوية مباشرة من الإهانة حتى وهو يزورهم في عقر دارهم، حيث أدار ظهره لمبادرتهم، مبادرة السلام العربية، التي تبنوها جميعاً، ليس في قمة واحدة بل في اثنتين، فهل ما يزال جائزاً لأي من الزعماء الفلسطينيين والعرب أن يتعلق ببوش أو بأي من وعوده، أو أن يتوقع من الأمريكيين خيراً، انتهاباً لمقولات مستنزفة لا تقنع إلا السَّذَج وهي أن 99% من أوراق اللعبة هي في قبضتهم؟!
جهادي
جهادي
:: شخصية مهمة ::
:: شخصية مهمة ::

{الجـنــس} : ذكر
{الإقــامـة} : مقال قد اعجبتني Wdi41410
{آلـعـمـــر} : 32
{آلمسـآهمـات} : 755
{تآريخ آلتسجيل} : 04/02/2008
{العــمــل} : طالب

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

126 رد: مقال قد اعجبتني

مُساهمة من طرف ابو عبادة 2008-03-22, 4:40 am

مشكور اخي على هذا المقال الطويل الذي اعجبني فعلا
مشكوور اخي
اخوكم ابو عبادة lol!
ابو عبادة
ابو عبادة
عضو فعال
عضو فعال

{الجـنــس} : ذكر
{آلـعـمـــر} : 36
{آلمسـآهمـات} : 276
{تآريخ آلتسجيل} : 25/01/2008
{العــمــل} : طالب جامعي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى