الشعب الفلسطيني في «قلوبنا» لكن السيادة المصرية هي «القلب ن

من طرف **ابن الفتح** 2008-02-05, 5:13 am

الشعب الفلسطيني في «قلوبنا» لكن السيادة هي «القلب نفسه» المصرى اليوم ما حدث، ويحدث، في رفح يثير تساؤلات كثيرة ومخاوف أكثر.. التساؤلات تربط بين أطراف عدة، توافقت علي اللعب ضد مصر وأمنها القومي.. والمخاوف تتسع يوماً بعد يوم من تحولات استراتيجية في خريطة الصراع العربي - الإسرائيلي.. وما بين التساؤلات والمخاوف تبرز الحاجة إلي تناول هذه القضية من منظور وطني، دون الانزلاق إلي العواطف والشعارات. أصحاب نظرية العواطف والشعارات يتوهّمون أن فتح الحدود المصرية للأشقاء الفلسطينيين إنما هو جزء من دور مصر التاريخي والسياسي في دعم القضية العربية المحورية.. وفي ظني أن هؤلاء تخلوا عن النظرة الموضوعية للتطورات الساخنة علي الأرض.. إذ إن مصر، التي حملت فوق أكتافها القضية الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨، ودفعت الفاتورة كاملة، إنما يمكنها القيام بدور حيوي في الأزمة الراهنة، دون التخلي عن سيادتها الكاملة علي حدودها، ودون المساس بحقها الطبيعي في الحفاظ علي الحدود الدولية، وحماية الجبهة الداخلية من تسلل عناصر مسلحة، وخلايا إرهابية إلي أراضيها. وإذا كان الشعب المصري يدرك مسؤولياته في دعم أشقائه من ثقله، عربياً وإقليمياً، فإنه أيضاً يدرك مدي خطورة دخول ٧٥٠ ألف شخص إلي أراضيه بهذه العشوائية والفوضي، لاسيما أن جميع التقارير المحلية والدولية تشير إلي احتمال تسلل عناصر مسلحة إلي عدة محافظات في مصر، بما يحمله ذلك من مخاطر استهداف شوارعنا، ومرافقنا الحيوية، بعمليات إرهابية عنيفة.. وإلا فما مغزي أن تلقي أجهزة الأمن القبض علي فلسطينيين مسلحين تسللوا من الحدود إلي بني سويف والإسماعيلية.. لماذا ذهبوا إلي هناك.. وما علاقة هذا التسلل المريب إلي العمق المصري بدعم القضية الفلسطينية؟ ولا يقتصر الخطر علي الجبهة الداخلية، وإنما يتجاوزها ليصل إلي تداعيات أخطر في ملف القضية ذاتها.. فليس خافياً علي أحد أن إسرائيل هي الطرف الفائز، والأكثر سعادة بما يحدث، إذ إن التدفق الفلسطيني إلي أراضي سيناء يخدم المخطط الإسرائيلي، الذي ظهر في استراتيجية تل أبيب خلال السنوات الماضية، والذي يقضي بضرورة تهجير الفلسطينيين إلي أراضي سيناء، باعتبارها «الوطن البديل»، والحل السحري للقضية برمتها. وربما يكون مناسباً أن نعود إلي المقالات والتحليلات التي تنشرها الصحف الإسرائيلية، ووسائل الإعلام الغربية، حول هذا المخطط.. ومنها ما كتبه الصحفي اليهودي «مارتن كرامر» في نشرة سياسية متخصصة تصدرها جامعة هارفارد الأمريكية، إذ يقول: «إن المسؤولين في تل أبيب يرون أن ما حدث في رفح ربما يمثل نعمة خفية لدولة إسرائيل، حيث قالوا (لقد شعرنا بالسعادة لاقتحام مئات الآلاف من أهالي غزة السور، الذي يفصل بين غزة والأراضي المصرية، وأن هذا التدفق غير المنتظم والمتواصل إلي مصر قد يتحول إلي فك ارتباط كامل بين إسرائيل والقطاع، كما أن نقل مسؤولية قطاع غزة إلي مصر سوف يجلب السعادة والراحة التامة للمسؤولين في تل أبيب)». انتهي كلام الصحفي اليهودي.. غير أن المفارقة المرعبة هنا هي أن «حماس» بدت، علي أرض الواقع، وكأنها تدعم بقوة هذا المخطط الإسرائيلي، بل وردت علي المبادرة الإيجابية لمصر، في معالجة تلك الأزمة ورفع المعاناة عن الأشقاء الفلسطينيين، بالاشتباك مع قوات الأمن المصرية، التي حاولت تنظيم هذا التدفق البشري غير المسبوق، مما أسفر عن وقوع إصابات خطيرة بين أفراد الأمن. كلمة أخيرة أهمس بها في أذن مهدي عاكف، مرشد الإخوان المسلمين: «القضية الآن هي قضية أمن قومي، لا تحتمل التضحية بمصالح واستقرار الشعب المصري.. الوقت ليس هو الوقت المناسب.. والقضية ليست هي القضية الملائمة للعب ضد الحكومة في الشارع.. فلا شيء أكثر قداسة من سيادة مصر علي أراضيها، وحماية مواطنيها.. ولا شيء يمكن أن نلتف حوله أهم من معركة الحدود ضد إسرائيل، وإجهاض مخططها لتهجير الفلسطينيين إلي سيناء»!