"نورا الهشلمون".. قصة عائلة تشتت بين الاعتقال الإداري و اليتم القصري والإبعاد...!

من طرف صقر الوطن 2008-06-04, 12:21 am

لم تكن فداء تدرك تفاصيل ما جرى في محكمة والدتها التي كانت مقررة في 29 من الشهر الفائت، إلا أن كلمة "ابعاد على الأردن" ترددت كثيرا، وبعد جهد طويل فهمت أن الأمر يتعلق بها و بوالدتها و أشقائها الخمسة.

"الوضع أصبح أكثر من أن يحتمل، في كل مرة ننتظر قرار يعيد والدتي إلى البيت، يعود إلينا المحامي بقرار أصعب من ذي قبل، فإلى أين سيبعدوننا أنا و إخوتي، لا يوجد لنا أقارب في الأردن، سنعيش في الشارع" قالت فداء.

وفداء البنت الكبرى لنورا جابر الهشلمون، تبلغ من العمر 15 عاما، وهي الوحيدة من بين أبنائها الستة التي بالإمكان التحدث إليها، فالبقية يرفضون التعاطي مع أي احد بعد ما سمعوه كما قالت الجدة والتي ترعاهم:" أصيبوا بانهيار عصبي، الجميع يبكي ولا احد يريد أن يفعل أي شي او أن يتكلم إلى احد، منذ أن سمع الخبر".

فقد كانت المحكمة العليا والتي رفعت قضية نورا لها بعد عملية التمديد الأخيرة لها في 12 آذار الفائت، قد قضت بتخير الأسيرة أما البقاء بالاعتقال الإداري المفتوح أو الإبعاد إلى الأردن برفقة أبنائها الستة، واستمرار اعتقال زوجها "محمد" في الاعتقال الإداري.

ورغم رفض الأسيرة لخيار الإبعاد إلا إن العائلة شعرت بقلق بالغ " فما هي الجريمة التي تستحق كل ذلك" وان كان هذا رد "محكمة العدل العليا" فهذا يعني ان "تجديدا أخر سيكون بانتظارها عند انتهاء مدتها الحالية في 12 من الشهر الحالي" كما قالت شقيقتها نجوى.

ونورا جابر الهشلمون "37عاما"، من مدينة الخليل، معتقله منذ 15-9-2006 وتخضع لتمديد في الأحكام الإدارية بشكل متواصل، الأمر الذي جعلها تضرب عن الطعام احتجاجا على الاحتجاز الغير قانوني، مما جعل إدارة المعتقل تساومها على فك الإضراب مقابل إطلاق سراحها وعدم التمديد لها فترة أخرى، في موعد انتهاء حكمها الإداري في 12 من آذار الماضي، إلا أن نورا وعائلتها تفاجئوا بقرار تمديد الاعتقال الإداري لها فترة أخرى ، حتى 12 حزيران الجاري، مما جعلها تضرب للمرة الثانية ولكن هذه المرة كانت ردة فعل إدارة المعتقل أسوء من أي مرة أخرى.

تقول نجوى:" تعرضت نورا خلال العزل الأخير اثر إعلان إضرابها عن الطعام لتعذيب نفسي وجسدي من الصعب الحديث عنه، استخدموا ضدها جميع وسائل الأذى النفسي والجسدي بمنع تقديم العلاج لها عندما زرتها شعرت أنها لن تستطيع أن تكمل أكثر حتى إنني طلبت من أخي نور ان يبعث لها من خلال المحامي لتوقف إضرابها".

وأن كانت للأسيرة نورا جريمة تعاقب عليها، فلم يتعدى الأمر كونها شقيقة الأسير "نور جابر الهشلمون" القيادي في سرايا القدس، منسق عملية وادي النصارى في مدينة الخليل والذي يواجه حكما بالسجن المؤبد 17 مرة، تقول نجوى:" الجميع يعرف ان اعتقال نورا وزوجها محمد هو انتقاما من أخي نورا والبالغة من العمر 37 عاما من عقبة تفوح في مدينة الخليل كانت قد اعتقلت من بيتها منذ 15 شهرا واحتجزت في ظروف اعتقالية قاسية عدة أسابيع قبل أن تحوّل إلى الاعتقال الإداري دون ان تتضح ذرائع اعتقالها ،فلم توجه لها أي تهمة حتى الآن.

وأكثر ما يسيء نورا في معتقلها ما يصل إليها من إخبار أطفالها الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب وخاصة بعد التمديد الأخير تقول فداء:" لا احد من إخوتي يذهب إلى المدرسة، ولا يسمع كلام أعمامي وجدتي، دائما يتشاجرون مع بعضهم البعض، لقد أصبحوا يتعاملوا بعنف مع الجميع، حاولنا المستحيل معهم أنا و عماتي ولكن عبثا، أختي الصغيرة عندما تتذكر أمي تضرب رأسها بالحائط دون توقف و تصرخ بدي ماما".

ونورا أم لستة أطفال هم فداء 15 عاما، و تحرير 14، حنين 12 سنة، ومحمد 11 سنة، جهاد 7 أعوام، والصغيرة سرايا والتي تركتها والدتها وعمرها عام ونصف و الآن تبلغ من العمر 3 سنوات ونصف.

هؤلاء الأطفال يعيشون المعاناة مضاعفة فوالدتهم في معتقل ووالدهم في معتقل أخر، ف"محمد سامي الهشلمون" زوج نورا كان قد اعتقل قبلها بشهرين ولا يزال هو الآخر يقبع في سجون الاحتلال تحت ما يسمى بالاعتقال الإداري:" عندما اعتقل أبي حزنا كثيرا على ذلك و لكن أمي كانت بيننا ولم يتغير علينا شيئا كثيرا، ولكن عند اعتقالها تغير الوضع تماما أصبحنا كما الأيتام بلا أم ولا أب" قالت فداء.

وتحاول فداء جاهدة رغم صغر عمرها أن تنفذ وصايا والدتها لها في الزيارات القليلة التي تلتقي بها:" عندما أزورها توصيني على إخوتي كثيرا وتقول لي دير بالك عليهم ولكنهم لا يسمعون كلامي كلما قلت لهم ادرسوا يقولوا لي عندما تأتي أمي ندرس ونذهب إلى المدرسة".

وعن وضع والدتها تقول:" تقول لنا هي بخير و أنها تأكل و تشرب و أنها تدعو لنا دائما، ولكن اشعر أنها ليست كذلك فوجهها يبدو عليه التعب الدائم".

فداء طالبة في الصف العاشر، تحاول التركيز في دراستها ولكنها كما تقول " لا تجمع شيئا من الدراسة" فالأمور أصبحت أكثر صعوبة عليها، أحيانا تفكر أن لا فائدة من الذهاب إلى المدرسة وهي لا تركز في الدراسة إلا أنها تعود لتفكر أن والدتها "ستكون حزينة إذا عرفت أنها لا تداوم".

وعن تفضيل الإبعاد إلى الأردن على البقاء وحيدة هي و إخوتها تقول فداء:" لماذا الإبعاد إلى الأردن نحن لا يوجد لنا أقارب هناك، فأين سنعيش في الشارع؟، و لماذا لا يبعدونها إلى الخليل لتعود ألينا من جديد، فأمي مريضة وليس لها أي تهمة تعاقب عليها".

والأسيرة نورا تعاني من فشل كلوي وتحتاج إلى عناية خاصة، إلا أن حالتها تدهورت و خاصة بعد سلسلة الإضرابات التي خاضتها حتى أن وزنها نقص إلى 37 كيلوا.

وناشدت فداء كل من يستطيع مساعدتها أن يتدخل:" لا احد يشعر بمعاناتنا نحن نعيش مآساه لقد غاب الفرح عنا، أبي و أمي في السجن ونحن هنا نضيع وحيدين ولا احد ينظر الينا، حتى الزيارة نحن لم نزورهم منذ ثلاثة أشهر".