اهم مئة مفكر بالعالم

من طرف صقر السياسة 2008-05-31, 12:35 am

طرحت مجلة الفورين بوليس استفتاء لقرائها حول أهم مئة مفكر مؤثر في عالمنا المعاصر. ورغم أن مسألة أهم وأفضل وأخطر هذه تثير الكثير من الأقاويل، كما الشبهات، فإن المجلة قد قامت على الأقل بطرح المئة اسم، وتركت للقراء مهمة الاستفتاء على أهمية كل منهم. وهو الاستفتاء القائم على موقع المجلة والمستمر حتى الخامس عشر من الشهر المقبل.
تصدرت أميركا الشمالية القائمة برصيد 36 مفكرا، تلتها أوروبا برصيد 30 مفكرا، وآسيا 12 مفكرا، والشرق الأوسط 11 مفكرا، وحصلت منطقة جنوب شرق آسيا ونيوزيلندا وأستراليا على 3 مفكرين، وأخيرا حازت كل من إفريقيا جنوب الصحراء وأميركا اللاتينية على 4 مفكرين لكل منهما.
وحصل علماء السياسة على أكبر عدد من المفكرين برصيد 17 مفكرا، وجاء الاقتصاديون في المركز الثاني برصيد 15 مفكرا، وجاء الفلاسفة والعلماء والصحافيون في المركز الثالث برصيد 12 مفكرا لكل منهم، وتبعهم الفنانون والروائيون برصيد 8 مفكرين، وكل من القادة والمؤرخين والنشطاء برصيد 6 مفكرين لكل منهم على التوالي، ثم القادة الدينيين برصيد 4 مفكرين، وأخيرا جاء المهتمون بشؤون البيئة برصيد مفكرين اثنين.
ولا تكشف هذه الأرقام عن مفاجآت بقدر ما تكشف عن طبيعة القوى المهيمنة كونيا؛ فأميركا تتصدر القائمة كما الحال بالنسبة للقارة الأوروبية العجوز، كما أن علماء السياسة والاقتصاد هم من يحددون الخطوط العامة للسياسات الكونية، بغض النظر عن النتائج الكارثية التي يخلفونها في الكثير من بقاع العالم.
وبعيدا عن لغة الأرقام فإن القائمة اشتملت على العديد من الأسماء الهامة والمؤثرة عالميا. كما أنها اشتملت أيضا على العديد من الأسماء المؤثرة إعلاميا، حتى لو اتسمت أفكارها بالضحالة والسطحية. اشتملت القائمة على أسماء مثل صموئيل هنتنجتون وبرنارد لويس وجورجين هابيرماس وأمبيرتو إيكو وناعوم شومسكي، جنبا إلى جنب مع أسماء الصحافيين والنشطاء والمبدعين ورجال الدين، من أمثال توماس فريدمان وشيرين عبادي وسلمان رشدي وعمرو خالد والقرضاوي وبابا الفاتيكان.
ويمكن القول إن القائمة استندت إلى العديد من الأسماء التي أحدثت تأثيرا إعلاميا ضخما بغض النظر عن تأثيراتها الفكرية الحقيقية. ولذلك جمعت بين أسماء متناقضة في مجال الفكر والأدب والفلسفة والنظريات السياسية والاقتصادية.
وما يهمنا في تلك القائمة هو ما اشتملت عليه بالنظر لحركة الفكر في عالمنا العربي الذي يمثل جزءا من الشرق الأوسط، وفقا للتقسيمات الجغرافية للمجلة. وقع اختيار القائمين في المجلة على ثلاث شخصيات أحدها فيلسوف ودبلوماسي هو الفلسطيني سري نسيبه، بينما الآخران هما رجل الدين المصري القطري يوسف القرضاوي ورجل الدين الدائم الظهور إعلاميا المصري عمرو خالد.
وبالنسبة لسري نسيبة فلا أجد أي سبب يجعله يتجاوز المئات من الأسماء العربية اللامعة في كافة المجالات الفكرية والفلسفية والسياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات المختلفة في كافة أنحاء العالم العربي، سوى دعواته المتصلة لتحقيق السلام مع إسرائيل وكونه المسؤول السابق عن ملف القدس داخل السلطة الفلسطينية حتى عام 2002.
وبالنسبة لكل من القرضاوي وعمرو خالد فلا يجد المرء أي مبرر لاختيارهما ضمن هذه القائمة، سوى التعريض بالعالم العربي بوصفه منتجا لتلك الخطابات الدينية لا أكثر ولا أقل. فمن الملاحظ أن لكل من القرضاوي وخالد تأثيرا كبيرا لا يمكن إنكاره، لكن ليس لدرجة وضعهما ضمن قائمة أهم مئة مفكر مؤثر في عالمنا المعاصر.
والغريب في الأمر أن القائمة لم تشتمل على أي رجل دين مسيحي أو يهودي في عالمنا العربي، بالرغم من التأثيرات الهائلة التي يمارسها رجال الدين من الديانتين في عالمنا العربي، والأمثلة لا تعد ولا تحصى سواء في لبنان أو مصر أو إسرائيل.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، يمكن هنا الإشارة إلى الأسماء الإسرائيلية التي وضعت ضمن القائمة. فقد اختار القائمون على القائمة كلا من الروائي والصحافي الإسرائيلي أموز عوز وعازف البيانو والمؤلف الموسيقي والناشط من أجل السلام دانييل بارنيباوم، وعالم النفس الأميركي الإسرائيلي دانييل كاهينمان. أما الحاخامات الإسرائيليون المتطرفون الذين يلعبون دورا هائلا في صناعة السياسة الإسرائيلية المعاصرة، فلم تدرجهم القائمة ضمن أعضائها.
لا يمكن أن يكون طرح تلك الأسماء بعيدا عن الغرضية والانتقائية، التي تصور العالم العربي بدون مفكرين وفلاسفة وروائيين ومبدعين وموسيقيين وأطباء ونشطاء حقوقيين، بينما تنفرد إسرائيل بالتعبير عن الفن والموسيقي والسلام وعلم النفس والصحافة، بعيدا عن تلك الاتجاهات الدينية المحافظة بل والمتطرفة والإرهابية التي لا تنتجها سوى المنطقة العربية.
ولا يمكن لأي مراقب محايد إلا أن تسترعي انتباهه تلك الانتقائية التي تتسم بها القائمة في اختيار المفكرين والعلماء والنشطاء من كافة أنحاء العالم. فمن الأشياء اللافتة للنظر هنا تركيز القائمة على النشطاء الحقوقيين الذين يشكلون في أحيان كثيرة نقاط ضعف بالنسبة لأنظمتهم السياسية، والذين يعبرون عن مصالح ضيقة وفئوية تصب في النهاية في خانة التفتيت الجغرافي.
وإضعاف الدول التي ينتمون لها، كما هو الحال في الصين وإيران وباكستان والصومال. ناهيك عن الكثير من المفكرين والمحللين السياسيين الذين يرسمون الكثير من السياسات العالمية الكونية، التي أفضت في الكثير من الأحوال إلى العديد من الكوارث الإنسانية. وليس بعيدا عن منطقتنا العربية ما حدث في أعقاب التدخل الأميركي السافر في العراق وما نجم عنه من قتل وسفك غير مسبوق لدماء العراقيين.
لا تخلو تلك القوائم التي تعلنها العديد من المجلات والصحف من فترة لأخرى، من أهداف مشبوهة تحاك بدقة من أجل تحقيق تأثيرات خبيثة. من هنا فمن الضروري أن تقوم المجلات والصحف في العالم العربي بوضع قائمتها الخاصة بها، التي تبرز العديد من الأسماء اللامعة في سماء عالمنا العربي في كافة المجالات والتخصصات.