قصص من طولكرم .........

من طرف **سنوات الضياع** 2008-05-24, 10:53 pm

يكن المشهد مقطعا من مسلسل تلفزيوني مثير ، أو فلما 0(الصورة من الارشيف) سينيمائيا حصد العديد من الجوائز ، بل صورة واقعية بالصوت والصورة لطفلين فلسطينيين حرمهما الاحتلال الإسرائيلي وانتزعهما عنوة من حضن والديهما الأسرى الذين يقبعان خلف عتمة زنازين القهر الاسرائيلي .
وتتكرر اللقطات الحزينة في حياة الطفلين ويظهر ذلك جليا على ملامحهما البريئة وعيونهما الذابلة وصراخهما الذي ملأ ويملأ المكان حزنا وألما لفراق صدرا حنونا قد يقبض عليهما بين ضلوعه ونبضات قلبه.
ولم تستطع والدة الطفلين الأسيرة شيرين فتحي قنديل ( 26) عاما و التي

اعتقلت بتاريخ 7ـ9ـ2006 بعد الآن ضم الطفلين الجريحين الى حضنها الدافيء ومداعبتهما ورؤيتهما باستمرار الا بعد انتهاء مدة محكوميتها التي أقرتها المحكمة العسكرية الاسلرائيلية بثلاث سنوات وقضت منها سنة وثلاث شهور . وسيبقى قلب الأم يعتصر ألما وحزنا على فراق ولديها الذين تسمع صوتهما يخترق صمت الزنازين وكأنهما يعيشان معها لحظة بلحظة .
ورغم الصعاب التي تواجهها الأم قنديل داخل سجن هشارون قسم (11) خاصة في ظل تدهور وضعها الصحي وارتفاع نسبة السكري لديها الا أن مرور طيف أبنائها ومعرفة أخبارهم من خلال الزيارات " القريبة البعيدة" تشعرها بالراحة والسكينة وكأن آلامها وأحزانها تبددت حتى ولو للحظات وتتمنى بفارغ الصبر ومن خلال دعواتها الافراج عنها وزوجها في القريب العاجل .
وللوالد أيضا حنيين لضم أبنائه الى صدره لمباركتهم واعطائهم شيئا من الحب والأمل والحنيين الذي سلبته الآليات العسكرية وبوحشية أثناء قيامهم باعتقال الوالد يوسف غازي سويدان من على بوابة عزون وحرمانه من احتضان ابنائه في ثالث أيام عيد الأضحى المبارك .
ولم يكن اعتقال الوالد الأول من نوعه بل تكررت عمليات زجه في السجون ولأكثر من سبع مرات ليتم توقيفه مؤخرا في مركز حوارة من أجل التحقيق معه و عرضه على المحكمة لاصدار لائحة اتهام بحقه .
وخلال حديث خاص لمراسلتنا مع الأسير المحرر أحمد سويدان عم الطفلين والذي بدت نبرات صوته هادئة يغلفها صدى حزين يعبر عن ثورة غضب عندما بدأ بالحديث عن الطفلين الذين لا حول لهما ولا قوة والذين لم ينسيا والديهما من خلال سؤالهما المتكرر" وينك يما" " وين أبوي راح وما رجع " " بدي أبوي وامي جيبولي اياهم " وبكاؤهما المستمر لفراقهما.
" ترفض جيفارا الأكل وكأنها تفتقد الى يد أمها الحانية ، في حين يرفض مجد اللعب مع أبناء جيرانه وكأنه بانتظار أمه التي يقول أنها لن تغيب طويلا " يقول العم أحمد في وصف الحالة التي يعيشهما أبناء أخيه .
ويضيف أحمد سويدان أن الطفلين حاليا بحضانة جدهما وجدتهما في بلدة عزون حيث أن والدة الأسيرة قنديل التي تعيش في مخيم عسكر قضاء مدينة نابلس قد وافاها الأجل ، أما والدها فضرير لا يقو على الحراك . ولها من الأخوة ثلاثة يقاسمونها مرارة العيش في السجون الاسرائيلية فشقيقها شريف محكوم 23 سنة وثائر 3سنوات وتم تحويله اداري وسامر حكم ب 4 سنوات ونصف ولها أخ شهيد قضى في الانتفاضة الأولى .
ويضيف أحمد سويدان " بعد تنهيدة طويلة والذي تم الافراج عنه في نهاية عام 2006 أن شقيقه يعقوب محكوم بالسجن لمدة 25 عاما حيث تم اعتقاله بتاريخ 8ـ4ـ2007 .
ولم يتمكن الأهالي قبل يومين من زيارة الأسيرات على الرغم من وصولهم لبوابات السجون بحجة أن عقابا جماعيا قد فرض على الأسيرات ليم حرمانهم من الزيارة التي ينتظروها بفارغ الصبر لمعرفة أخبار بناتهم الأسيرات ، في حين أصيب أهالي الأسشيرة قنديل بخيبة أمل لعدم تمكنهم من رؤية ابنتهم .
سيبقى مجد وجيفارا يتلمسان حضن والديهما الغائبان ،وسيجبر كليهما على العيش ورسم مشاهداتهم القاسية وحنينهم الذي لا حدود له في ذاكرتهم الحية، ولن ترتسم الابتسامة على شفتيهما الا برؤية والديهما مصدر سعادتهما وأملهما في هذه الحياة

وتترنح نظرات الطفلين جيفارا ابنة الثلاث سنوات وأخيها مجد ابن الست سنوات في كل مكان بحثا عن دليل يأخذهما الى حيث والديهما ، الذي حرمهما الاحتلال الإسرائيلي من العيش معهما ، ليسكنا بعيدا وراء الشمس في ظروف صعبة وقاسية الا أن قسوة الفراق لم تنسي الطفلين من ذكر والديهما في لحظات اللعب واللهو والدراسة وحتى في أحلامهم البريئة