هل وصلنا الى هذا الحد

من طرف صقر السياسة 2008-05-24, 12:18 am

هل وصلنا الى هذا الحد

في يوم جميل غائم من أيام الربيع ،،، قررت الخروج للنزهة في البراري والتمتع بجمال الطبيعة حيث أني من محبي الصحراء .
قدت سيارتي متوجها إلى هناك ،، وصلت إلى المكان المنشود ، ومازلت أقود السيارة وأتنقل من مكان لآخر كي أجد مكانا جيدا للجلوس فيه .
وبينما كنت كذلك إذ رأيت سيارة أخرى من بعيد وقد نزل منها أحد ركابها وآوى إلى شجرة كبيرة . لم ألقِ لذلك بالاً لأني اعتقدت بأنهم سيجلسون بالقرب من تلك الشجرة أو نحو ذلك. ولكن الغريب في الأمر أن تلك السيارة انطلقت بعد أن نزل ذلك الراكب واتجهت بسرعة فائقة نحو المدينة وكأن قائدها يهرب من شيء .
فاستوقفني ذلك المشهد العجيب وضللت أقود سيارتي جيئة وذهابا قريبا من تلك الشجرة منتظرا هل ترجع تلك السيارة أم لا، وانتظرت نصف ساعة والسيارة لم ترجع فقررت التوقف والتأكد فلم أعد أستطيع الصبر أكثر من ذلك . فاتجهت نحو تلك الشجرة لأشبع فضولي ولأرى ماذا يفعل ذلك الشخص فلعله يحتاج المساعدة . فلما اقتربت لم أجد سوى امرأة كبيرة في السن قد أسندت ظهرها إلى الشجرة وهي تبكي .
ذهلت مما رأيت ، فاقتربت لأرى ما خطبها ،، وسألتها " ما الذي أصابك يا خالتي- احتراما لها فقد كانت بعمر والدتي أطال الله في عمرها- وما الذي جاء بكي إلى هنا؟"،،
فقالت "إسمع يا بني ، إن كنت تريد أن تصنع معي معروفا فأوصلني إلى منزلي جزاك الله خيراً ولا تسألني عن ما حدث معي" ..
فوافقتها على ذلك ، وساعدتها على النهوض، حتى إذا ماصعدت إلى السيارة انطلقت عائدا نحو المدينة .
ولكني لم أصبر فسألتها عن ذلك الشخص الذي تركها هناك ، فبدأت تبكي بحرقة مما جعلني أبكي معها وتمنيت أني لم أسألها هذا السؤال .
وبعد لحظات توقفت عن البكاء ثم قالت" إنه ابني وزوجته يريدان موتي والتخلص مني"،،
فسألتها "لماذا؟"،،
فقالت" والله لا أعلم لماذا يا بني ، فقد كنت أقوم بخدمته ولم أكن أطلب منه شيئاً بل كنت أعطيه كل ما يطلب مني " ثم استهلت بالبكاء من جديد .
سألتها " وأين بيتك؟"،،
فأخبرتني أنها تعيش في حي (….) ،،
وكنت أعرف اناساً يعيشون في ذلك الحي فقلت في نفسي لعلي أعرف من هو إبنها لأنصحه فهي لم ترضَ أن تخبرني باسمه خوفاً عليه من الفضيحة بالرغم من ما فعل بها ، ولكن هذه هي عاطفة الأمومة والتي تنكر لها ابنها الجاحد العاق .
فلما وصلنا إلى الحي ظلت ترشدني حتى طلبت مني الوقوف بجانب مبنى كبير وأرادت النزول ، ولاكن هذا المبنى لم يكن منزلاً ،،،
أتعلمون ما هو ؟…… إنها دار لرعاية المسنين .
استغربت منها هذا التصرف وقلت لها "ولكن هذا ليس منزلك!!"،،
قالت" لقد اصبح منزلي من اليوم فصاعدا بعدما طردني ابني ،

وهؤلاء الناس في الداخل هم أهلي الآن " ثم نزلت وهي تدعو لي بالخير، ودخلت الدار .
انطلقت إلى منزلي وأنا أرثي لحال تلك المرأة المسنة التي قدمت كل ما لديها لأبنها على أمل أن يخدمها وأن يقوم بحاجتها عند الكبر ، ولكن هذا الابن الضال قابل الإحسان بالجحود والبر بالعقوق …

إخواني وأخواتي لم تكن هذه القصة من نسج الخيال ، بل هي قصه حقيقية رواها لي أحد الأقرباء عن صديق له حصلت معه شخصياً .

أ لهذا الحد وصل العقوق في بعض الأبناء بأن يرموا والديهم في الصحراء ليهلكوا .
لم أكن لأتوقع حدوث مثل هذا الشيء في مجتمعنا الإنساني فكيف بنا نحن المسلمون .
ألم يسمع أولئك قول الله تعالى " وبالوالدين إحسانا" والذي تكرر في القرآن الكريم كثيراً، وقوله تعالى " فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما …..الآيه"،
ألم يسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم " الجنة تحت أقدام الأمهات" وقوله -في ما معناه - "رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه، قالوا من يا رسول الله ، قال من لقي والديه أو أحدهما عند الكبر فلم يدخلاه الجنة".

اعذروني على الإطالة ولكنني أحببت أن أشارككم هذه القصة ، لعلنا نحاسب انفسنا ونقيم علاقاتنا مع آبائنا وأمهاتنا فنحن مهما قدمنا لهم لن نوفيهم قدرهم .