كلمات في سقوط بغداد

من طرف واثق الخطى 2008-04-21, 1:10 pm

د. عادل البياتي

21/04/2008
كلمات في سقوط بغداد Empty

خمس سنوات مرت علي 9 نيسان (أبريل)، اليوم الذي يحلو للبعض أن يطلق عليه تسمية يوم سقوط بغداد !.. سامحهم الله! فما أظن بغداد سقطت في ذلك اليوم ولا في غيره، بل بغداد نهضت وبعثت من جديد، فبغداد ما استسلمت وما استكانت للغزاة.. فما إن انتهت صفحة المواجهة العسكرية ـ في حرب غير متكافئة بكل المقاييس ـ حتي بدأت صفحة المواجهة الأخري، صفحة المقاومة، المقاومة التي شرّفت العراق وشرّفت الأمة، وأثبتت للعالم وللأعداء أن بغداد لم تستسلم ولن تستكين ولن تخنع ولن تذل.
إن الذي سقط في 9 نيسان (أبريل)، ليس بغداد! بل سقط المعتدون المجرمون بعد أن بانت عوراتهم وافتضحت أكاذيبهم أمام العالم كله، فلا أسلحة دمار، ولا صلة للعراق بالإرهاب، وكل الأكاذيب التي فبركوها وخدعوا ما يسمي بـ المجتمع الدولي ! بها انكشفت.. سقطت اخلاقيا وسياسيا تلك الدولة العظمي التي اعتمدت اكثر من 600 كذبة تبريراً لغزو دولة حرة مستقلة وعضو في الامم المتحدة، سقط القناع عن الوجه الحقيقي للغزاة أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان.. سقطت الشرعية الدولية ومجلس الأمن المختطف أمريكياً.. بكل عوراته وسوءاته، سقطت هيبة الأمم المتحدة! وسقط أولئك الساقطون من العملاء الذين ارتضوا أن يكونوا أدلاء أذلاء مع دبابات الغزاة، وسقطت أكذوبة بوش بتحويل العراق إلي جنة للديمقراطية في الشرق الأوسط!!.. وسقط كل حملة الجنسية العربية! الذين تورطوا بتسهيل العدوان علي العراق والتواطؤ مع الغزاة مهما كانت جنسياتهم!!... سقطوا هم وغيرهم.. ولكن بغداد لم تسقط، بل إنها بُعثت من جديد..
ها هو يوم 9 نيسان (ابريل) يمر في ذكراه الخامسة، فأين هم العراقيون المحتفلون بالتحرير؟ وأين باقات الورود تنثر علي دبابات الغزاة؟ وأين أهازيج الشعب العراقي فرحا بخمسة أعوام من التحرير والانعتاق؟...
خمس سنوات من المقاومة الصلبة الشرسة المتصاعدة، مقاومة خرقت كل نواميس الكون، مقاومة لا يوجد طرف واحد داعم لها غير الله وشعب العراق بإمكانيات بسيطة، فكانت مقاومة فريدة في كل شيء، وفاقت كل المقاومات التحررية التي حصلت في العالم، ففيتنام قاومت وكانت وراءها دولتان عظيمتان: الصين والاتحاد السوفييتي اضافة لدول وأطراف أخري، ومقاومة الجزائر كان لها محيطها العربي المغاربي الحاضن، وهكذا سائر مقاومات الدنيا، أما المقاومة العراقية فليس لها إلا الله، وإرادة العراقيين والاعتماد علي الإمكانيات الذاتية البسيطة.
ورغم كل ذلك فإنها استطاعت أن ترغم أنوف المحتلين، وتذيقهم الويل وتجرّعهم الويلات، واوصلت خسائر الامريكان المعلنة الي ما يجاوز الـ 4000 قتيل وأضعافهم من الجرحي والمعاقين والمرضي النفسيين.. ولنسأل الذين يبخسون حق المقاومة العراقية، هل يتصورون ماذا سيكون عليه حال الغطرسة الامريكية اليوم بعد 5 سنوات من غزو العراق لو لم تنهض المقاومة العراقية؟.. لا أريد أن أرسم سيناريوهات تصورية.. لكن أقل ما يقال ان جنود اليانكي كانوا اليوم سيتجولون في اكثر من مدينة في جوار العراق وأبعد منه، إذ لم يكن الغزاة ليقتنعوا بالاكتفاء بغزو العراق، بل لكانوا استمروا في مخططهم، ولكن.. لقد رفعت المقاومة رؤوسنا ورؤوس كل العرب وكل المناهضين للغطرسة والعدوان.. فبغداد ما سقطت ولن تسقط ـ انها تقاوم وترغم الغزاة علي لملمة اشلائهم وهم يبحثون عن مخرج مشرف من العراق.