منتديات قفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ناجي العلي --- الاسطوره --- الجزء الاول

اذهب الى الأسفل

126 ناجي العلي --- الاسطوره --- الجزء الاول

مُساهمة من طرف صقر السياسة 2008-04-14, 3:22 pm

لمحة موجزة عن حياته :

ولد ناجي العلي في قرية الشجرة عام 1939 م في فلسطين ،
وبعد إبعاده عام 48 مع عائلته عاش في عين الحلوة جنوب لبنان ،
وكانت هذه الحياة مصدر إلهامه في رسوماته فيما بعد .


بعد حصوله على شهادة دبلوم الميكانيكا دخل ناجي أكاديمية الفنون في لبنان
، ثم تركها حيث سافر إلى الكويت ليعمل رساما في صحيفة الطليعة ومخرجاً فنياً ،
تنقل بعدها بين عدة صحف منها السياسة الكويتية ، السفير اللبنانية ، صحيفة القبس ....
وبعدها استقر ناجي في لندن ليواصل بريشته مشروعه النضالي المسالم ،
كان سر نجاحه في عفويته الصادقة التي لم يعهدها الفن الساخر العربي .


ناجي العلي وحنضلة : أطل أول مرة عام 1969 من خلال صحيفة السياسة حنضلة هذا الطفل الكبير
قدمه ناجي بعبارات صادقة أعلن فيها التمرد والصدق .


اغتيال رسام العرب :

تبدأ قصة اغتياله ظهر يوم 22 يوليو 1987 عندما وصل ناجي العلي إلى شارع آيفز
حيث يقع مكتب صحيفة " القبس " الدولية وبينما كان متوجهاً إلى مقر الصحيفة
اقترب منه شاب مجهول واطلق عليه رصاصة أصابته قرب انفه من مسدس ،
سقط بعدها ناجي على الأرض فيما فر الجاني ، الذي فتح صفحة جديدة في تاريخ الإغتيالات العربية
، حيث كان ناجي أول فنان رسام كاريكاتير يقتل في أجل خطوط بسيطة بالأبيض والأسود ،
معبراً فيها عن قضيته ومأساة شعبه الفلسطيني ،
وقد كان وصية ناجي الخاصة دفنه إلى جانب والديه في مخيم " عين الحلوة " في صيدا حيث نشأ وترعرع فيها .







تحليل بقلم يوسف عبد لكي *
مرّ قرن ونصف القرن والكاريكاتير الصحفي سلاح إعلامي أخّاذ، ساخر، ذكي .. وجارح.
منذ قرن ونصف القرن لم يتم اغتيال إلا رسام كاريكاتير واحد بسبب رسومه،
هذا الرسام اسمه ناجي العلي. عندما أطلق الرصاص عليه في إحد شوارع لندن صيف عام
1987 هبّ الوسط الثقافي والسياسي والإعلامي ليستنكر الإغتيال بأسطع الكلمات وأقواها،
وليعلن وقوفه الى جانب الضحية شاجباً عمل المجرمين أو من يقف وراءهم،
وليسمي ناجي العلي ضميراً للقضية الفلسطينية ومعبراً عن إرادة المقاومة الباسلة
لدى شعبه وليضع الرسام في موقع استثنائي في تاريخ الكاريكاتير العربي الحديث.
وقتها وعلى مدى أكثر من عام ازدحمت الصحف بالمقالات والبيانات والقصائد والرسوم
عن ناجي الفنان والقضية.

فمن هو ناجي العلي وما موقع عمله ليثير كل هذا الزخم العاطفي والفني
على مساحة البلدان العربية برمتها؟

ولد ناجي سليم حسين العلي عام 1936 في قرية الشجرة شمال فلسطين،
وبعد نكبة 1948 دُمرت قريته تماماً، وهجّر مع عائلته الى جنوب لبنان،
أقاموا في خيمة ثم انتقلوا الى مخيم عين الحلوة بجوار صيدا،
عاش حياة المخيمات المريرة مع إخوته، وسافر الى طرابلس ليدرس فيها وينال الشهادة في الميكانيك،
مما منحه فرصة العمل في الورشات الصناعية. بعد إقامة لمدة سنتين في السعودية
عاد عام 1957 الى لبنان وقد بدأ يتفتح وعيه، وتتحدد خياراته السياسية،
وبسبب المد القومي في تلك الحقبة وجد نفسه ينتمي الى حركة القوميين العرب،
حياة التهجير والتشرد وذل المخيمات ستترك بصماتها التي لن تُنسى على حياته وفنه.

درس لمدة ستة أشهر في الأكاديمية اللبنانية، وتركها بسبب حاجته للعمل، وانشغاله بالعمل السياسي،
مقرراً أنه "سيكرس نفسه للفن التشكيلي .. بعد تحرير فلسطين!!! ..
درس فيما بعد في الكلية الجعفرية ثلاث سنوات في صيدا، غير أنه كان دائم التردد على السجون بحكم نشاطه السياسي.

لقاء عابر في أول الستينيات مع الكاتب غسان كنفاني غيّر مجرى حياته.
فلقد أطلعه على عدد من رسومه. فلمس كنفاني موهبته وحماسته فنشر له رسماً في مجلة "الحرية"
يمثل خيمة على شكل بركان، ستشكل له تلك اللحظة النقلة الأهم في حياته وتعاطيه مع قصة الرسم.

بعد عامين من ذاك الحادث يسافر الى الكويت ويعمل في مجلة "الطليعة" رساماً ومخرجاً وكاتباً،
كان ذلك بداية عمله كرسام محترف، راح ينشر رسومه بتواتر متزايد الى أن انتقل عام
1968 الى جريدة "السياسة" الكويتية، وبقي فيها رسام كاريكاتير حتى عام
1975 عندما عرض عليه العمل في جريدة "السفير" اللبنانية في وقت كان الانقسام السياسي في لبنان قد بلغ مبلغه،
وراحت رهانات القوى اللبنانية تفرز بحد السكين القوى السياسية والاجتماعية،
وتترك ظلالها القوية على كل وسائل الإعلام، في هذه التربة يجد ناجي منبره المثالي حيث لا حسابات وسطية،
فالعالم السياسي حوله مقسوم الى أبيض وأسود.

عام 1977 أصبح يعمل لصحيفة "السياسة" الكويتية إضافة الى "السفير" حتى عام 1982
في هذه الحقبة كانت رسومه تمس كل الأطراف، من الأعداء المعلنين: إسرائيل وأمريكا،
الى قائمة دول الاستبداد العربية الى كل أعداء العرب وفلسطين، فرسم عن الديموقراطية، والبترول،
والمخيمات، والفقر، والمعتقلين السياسيين، والخلافات العربية، والخلافات الفلسطينية، والتنازلات المعلنة والمضمرة،
وكانت في كل ذلك نجمة الصبح لها إسم واحد: فلسطين.

بعد أن مرّر فترة الاجتياح الإسرائيلي لبيروت وهو ينتقل في ظل الخطر الدائم بين بيروت وصيدا حيث تسكن عائلته.
بين عامي 1982 و 1985 يغادر الى الكويت ويعمل مع صحيفة "القبس" حيث ينشر فيها مجموعة من أقسى الرسوم النقدية
عن القيادات الفلسطينية الأمر الذي أجبره مجدداً على مغادرة الكويت بسبب الضغوط الفلسطينية الى لندن
ليعمل في "القبس الدولي" خلال ذلك بقي وفياً بصرامة نادرة لخطه السياسي النقدي الذي لا يقبل المساومة ولا المناورة.
ظلّ يهاجم كل من يبتعد خطوة عن فلسطين الوطن والمعاناة والحلم، من الأنظمة العربية الى القوى الفلسطينية نفسها.

بين عام 1985 و1987 لم تعد خارطة فلسطين السياسية هي نفسها خارطة الخمسينيات والستينيات،
ولم تعد خارطة لبنان الحرب الأهلية هي نفسها. تغيّر العالم، انتصر أعداء فلسطين، أبعدت منظمة التحرير الى تونس،
انتصرت الأنظمة على المجتمعات. هُزمت القوى والأفكار التي سادت جيل ناجي، غير أنه هو نفسه لم يهزم،
بقي يقاوم متمترساً خلف النقاء السياسي السابق نفسه. وهذا وسّع خارطة خصومه،
فالأعداء بالنسبة له هم أيضاً أولئك الذين يعيدون الحسابات أو يميلون الى المساومات من أهل البيت الفلسطيني ..
هكذا وجد نفسه في السنوات العشر الأخيرة من حياته يتناول بالنقد المفرطين وأصحاب الكروش
والموسومين بأرقام القرارات الدولية (242-238) حول فلسطين وتقاسمها.
والحقيقة أنه في ذلك كان متجاوباً مع الإحساس العربي العام بالظلم والغضب لما آلت إليه القضية الفلسطينية،
بل إن تراكم الهزائم رفع – أكثر من السابق – إرادة التحدي والمقاومة.

رسوم ناجي أضحت مليئة بكشف تنازلات القادة الفلسطينيين، بل أصبحوا موضوع رسومه الأساسي ومحط استنفار موهبته الى
أن جاءته رصاصة لندن في 22 يوليو 1987 ليدخل بعدها في غيبوبة طويلة الى أن فارق الحياة في 29 أغسطس من العام نفسه.

التقشف بانضباط

قبل أن أعرّج على عناصر القوة في عمل ناجي وتأثيره الكبير، لا بد من ترسيم مختصر للجانب الفني لديه:
تعتمد رسوم ناجي على خط محيط بسيط. يرسم الشخصيات دون تفاصيل، ولكن دون اختصارات شديدة،
كما أن الحركة لديه لا تتسم بديناميكية عالية. لكنها تبتعد أيضاً عن الجمود، خطه سلكي عريض، يعتمد عليه وحده أحياناً ،
وأخرى على الخط والمساحة السوداء، وثالثة على الخط والظلال الرمادية للحبر الصيني المخفف،
ورابعة على الخط مع التهشيرات المتصالبة الخشنة، وكان هذا ما اعتمده خاصة في سنواته الأخيرة.

يهتم بإيصال الفكرة بأبسط الطرق وأسهلها، ولا يلقي بالاً لأي مهارة أو استعراض تقني أو تميّز أسلوبي.

رسومه متقشفة بالضبط، فلا هو تقشف زائد فيُفقر الرسم وتضل الفكرة عن الوصول، ولا هو استعراضي فيوقع الرسم في التكلف.
في رسمه ما تحتاج إليه الفكرة لتصل، لا أكثر ولا أقل، وليس مصادفة أننا نجد أكثر رسومه دون خلفيات تحدد المكان.
ففي عقيدته أن ذلك ليس ضرورة ، ما دام الأشخاص في مقدمة الرسم يكفون لقول الفكرة.

ورغم أن ناجي من الناحية الفنية البحتة رسام متوسط الإمكانات غير أنه رسام دءوب، يعمل بجلد دائم،
أوصله ذلك الى شخصياته المعروفة، والتي صارت متميزة موسومة بطابعه كيفما رسمها وبأي تقنية،
ودأبه ذاك أوصله الى ألفة غير عادية مع شخصياته – وبالتالي – لألفة القارئ معها. شخصيات من الشارع والمخيم والبيت.
لكنها فوق ذلك وقبله مرسومة ببساطة وتعاطف وحب عبر الآلاف من رسومه (يقال إنه رسم 40 ألف رسم،
واعتقد أن الرقم الأقرب للصحة هو بحدود 15 ألف رسم بمعدل رسمين يومياً على مدى عشرين عاماً).

قضية إجماع

كيف تسنى لعمل ناجي أن يكون له تأثير فريد في الصحافة العربية وفي القارئ العربي
وهو عمل لا نجد فيه قوة الحركة كما عند الأمريكي ماك تيللي ولا متانة الخط كما لدى الإنجليزي لو،
ولا الوجوه البديعة كما عند الأمريكي دافيد ليفين أو جورج البهجوري أو سمير كحالة،
ولا عنف التعبير كما عند جورج سكارف، ولا المعرفة بالبيئة المحلية كما لدى الزواوي.
ولا جمال الخطوط وحدتها كما لدى صلاح الليثي وتورهان سلجوك ومؤيد نعمة،
ولا الغرف من الفنون المحلية أو الشعبية كما لدى الإيراني محسس أو المصري اللباد؟

للإجابة عن هذا السؤال لا بد من الإشارة الى أن الكاريكاتير على خلاف كل الفنون التشكيلية
هو فن الفكرة قبل أي شيء آخر، يتراجع فيه مقياس الرسم والمهارة الى الدرجة الثانية،
ومن هنا نجد الكثير من الرسامين الذين حظوا بحضور كبير وأحياناً طاغ في بلدانهم
رغم أنهم لم يكونوا رسامين كبارا أمثال الفرنسي سينه والروماني ستافسكو، والمكسيكي ديوس ..الخ،
على الرغم من أن الحالة الأخرى حيث يوجد رسام كبير حاملاً أفكاراً مبدعة هي الحالة الأجمل والأشد إمتاعاً.

بالعودة الى عناصر التجربة لدى ناجي، عناصر القوة في عمله التي مكنته من تحقيق ما لم يحققه العشرات
من الرسامين العرب على مدى ربع قرن، لا بد من الإشارة أولاً الى أنه يعمل على قضية إجماع، قضية شكلت على مدى قرن كامل
موضع ليس لها نظير في التاريخ العربي الحديث. فحجم الظلم والألم الذي عاناه الشعب الفلسطيني جعل منه رمز الظلم،
ومن ثم أصبحت فلسطين بحكم الترابط بينها وبين محيطها العربي مفتاحاً، لا لتحرير الأرض وعودة الفلسطينيين لوطنهم فقط،
بل مفتاحاً أيضاً لتقدم مجتمعاتنا أو تأخرها، بحيث أصبح الانتصار فيها علامة للانتصار في المعارك الأخرى كلها:
التقدم، الديموقراطية، الكفاية ، العمل، التسلح ..الخ.

وهكذا أصبحت رسوم ناجي وكأنها تحكي عن الوجع الأقصى لدى العرب اليوم، أصبحت تمثل درب الآلام للقضية الفلسطينية
وعناصر المقاومة فيها .. أصبحت تمثل جزءاً معلناً من ضميرها. وهذا يمكن ملاحظته في حقول إبداعية أخرى كالشعر والرواية،
بحيث أصبح بعض الشعراء والكتاب يمثلون ليس فقط أدباً كبيراً بل ضميراً للقضية نفسها.
ومن ناقل القول إن القضية وحدها لم تكن لتستطيع أن تفعل هذا السحر مع رسوم قليلة الموهبة،
فموهبة ناجي لا يرقى إليها الشك، وإلا لكان كل الرسامين الذين تناولوها – وما أكثرهم – في موقعه نفسه !! وهو ما ليس حاصلاً بالطبع.
صقر السياسة
صقر السياسة
عضو محترف
عضو محترف

{الجـنــس} : ذكر
{الإقــامـة} : ناجي العلي --- الاسطوره --- الجزء الاول Myn41910
{آلـعـمـــر} : 37
{آلمسـآهمـات} : 3756
{تآريخ آلتسجيل} : 18/02/2008
{العــمــل} : عروبي يكشف الحقائق

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى